آخر الأخـبــار

مراحل إنجاز المقالة الجغرافية

تُعد المقالة الجغرافية من أبرز الأشكال التعبيرية التي تُمكّن التلميذ من ترجمة مكتسباته المعرفية والمنهجية في قالب منهجي منظم. فهي لا تقتصر على سرد المعلومات، بل تتطلب قدرة على التحليل والتفسير والاستدلال، مع احترام بناء منطقي وتسلسل أفكار منسجم مع إشكالية محددة بدقة. ويُعد إنجاز المقالة الجغرافية عملية مركبة تمر عبر مراحل واضحة، تبدأ بالإعداد المنهجي وتنتهي بالتحرير المتكامل الذي يعكس مدى فهم التلميذ للموضوع المطروح ومدى قدرته على معالجته بأسلوب علمي دقيق. ومن خلال هذا المقال، سيتم توضيح مختلف خطوات إعداد المقالة الجغرافية ومكوناتها الأساسية التي تضمن سلامة الطرح وجودة الإنتاج الكتابي.

طالب يكتب مقالة جغرافية على طاولة بها خريطة ذهنية وكتاب جغرافيا، وخلفه خريطة العالم ومجسم كروي

يمر إنجاز المقالة الجغرافية بمرحلتين رئيسيتين:

مرحلة الإعداد

تتضمن هذه المرحلة أربعة جوانب ضرورية، وهي كالتالي:

1. قراءة وفهم الموضوع

يتعين قراءة نص الموضوع بتمعن، مما يتيح ضبط حدوده وحدود الإشكالية. فالإشكالية هي منظومة من العلاقات الذهنية التي تنسجها داخل فكر الفرد مشاكل مترابطة لا يمكن حلها بشكل منفرد، ولا تقبل حلاً نظرياً إلا ضمن إطار عام يشملها جميعاً. بمعنى أدق، هي مجموعة من الأسئلة المتسلسلة والمترابطة منطقياً، والتي يجب الانتباه إليها ومحاولة الإجابة عنها بدقة.
كما يتطلب الأمر التعرف على بعض المصطلحات الأساسية الواردة في نص الموضوع، لأنها تشير إلى العناصر الجوهرية المكونة للإشكالية.

2. تحديد الإشكالية

يُعد تحديد الإشكالية خطوة حاسمة في معالجة الموضوع، وهي تختلف عن "المشكل" الذي يُقصد به مسألة قابلة للحل، ترتبط بواقع موضوعي (مثل غموض يتطلب توضيحاً أو صعوبة تتطلب حلاً).
وتتمثل عملية تحديد الإشكالية في جمع وتأليف الأفكار الأساسية المستخلصة من النص، وصياغتها في فكرة مركزية تمثل الخيط الناظم للتحليل والاستدلال. ويُعد تحديد الإشكالية بدقة شرطاً ضرورياً لوضع تخطيط سليم للإجابة.

3. جمع المعارف والمكتسبات

كل موضوع يرتبط بجانب من البرنامج الدراسي وبعض دروسه، لذا يُفترض:

  • استحضار وتسجيل الأفكار المحورية التي يحيل عليها الموضوع.
  • تدوين بعض الأفكار الدقيقة المتفرعة عنها على ورقة المسودة، مع انتقاء ما يلائم الإشكالية المطروحة.

4. بناء التخطيط

يُشكل التخطيط البنية الأساسية التي ترتكز عليها الإجابة، إذ يسمح بتنظيم الأفكار بصورة منطقية ومتسلسلة لمعالجة الإشكالية.
لذلك يجب بناؤه بدقة على المسودة قبل بدء التحرير، ويُفضل أن يتكون من عنصرين إلى ثلاثة عناصر رئيسية، تُمثل كل واحدة منها فكرة محورية تتفرع بدورها إلى فقرات فرعية مترابطة.

مرحلة التحرير

يُنجز التحرير مباشرة على ورقة الاختبار بعد ضبط التخطيط، تفادياً لإضاعة الوقت. وينبغي أن تُحرر المقدمة والخاتمة قبل الشروع في كتابة جوهر الموضوع.
ويُعد النص متماسكاً وسليم اللغة، مكوناً من ثلاثة أقسام رئيسية: مقدمة، جوهر، خاتمة، تتناول كل منها جزءاً من الإشكالية. كما تُستخدم جُمل ربط لتأمين انسجام الفقرات وتيسير الانتقال من عنصر إلى آخر.

مكونات المقالة الجغرافية:

تتكوّن المقالة الجغرافية من ثلاث وحدات رئيسية، لكل واحدة منها وظيفة بنائية ومميزة في معالجة الموضوع:

المقدمة

وهي مدخل يمهّد لتحليل لاحق، يتم فيه توضيح الإشكالية المطروحة.
تكتسي المقدمة أهمية خاصة لأنها أول ما يطالع المصحح، وتُعطيه انطباعاً أولياً عن مدى فهم التلميذ للموضوع.
تتكوّن المقدمة من:

  • جملة تمهيدية: تُدرج الموضوع في سياق أوسع وتشد انتباه المصحح.
  • الإعلان عن الإشكالية: إما بصيغة ضمنية ضمن الجمل التقديمية، أو بشكل مباشر من خلال طرح أسئلة في نهاية التقديم.
  • الإعلان عن التخطيط: ويُذكر فيه الهيكل العام للإجابة (العناصر الكبرى أو التساؤلات المحورية).

جوهر الموضوع (العرض)

وهو القسم التحليلي الذي يتوسط المقال، ويُعنى بالإجابة عن الإشكالية باعتماد تحليل متدرج ومنطقي، وفق ترتيب عناصر التخطيط.
يتضمن الجوهر:

  • عناصر كبرى تُعبر كل واحدة عن فكرة محورية.
  • يتراوح عددها بين عنصرين إلى أربعة.
  • كل عنصر يتفرع إلى فقرات فرعية مترابطة.
  • الأفكار تُدعم بأمثلة، أرقام، أو رسوم.
  • تُرتب العناصر حسب منطق التحليل، مع الحفاظ على التوازن في المعالجة.

الخاتمة

وهي القسم الختامي من المقال، تُبرز نجاح التلميذ في معالجة الإشكالية.
وتتكون من:

  • حصيلة التحليل: أي الخلاصة المركزة التي تُجيب عن الإشكالية.
  • فتح آفاق: جملة ختامية أو سؤال يُقترح لمواصلة البحث دون الخوض في تفاصيله.
ويُستحسن تأجيل صياغة الخاتمة إلى نهاية زمن الاختبار، حتى تكون دقيقة ومترابطة مع التحليل، مع إمكانية كتابتها في صيغة ملخص مركز.
تعليقات