أخر الاخبار

بحث حول موضوع التربة

تـقـديـــم:
تشكل القشرة الأرضية الغلاف الخارجي للأرض، وهي تتكون من صخور ذات مكونات معدنية وكيميائية تعلوها في الغالب تكوينات سطحية من المفتتات الناتجة عن تفكك وتحلل هذه الصخور، بفعل تأثير عدة عوامل، وتعرف هذه التكوينات السطحية بالتربة.
فالمقصود بالتربة؟ ثم ماهي مكوناتها ومراحل تشكلها والعوامل المتدخلة في ذلك؟ ثم ماهي أهم أنواع التربة؟

الـمـفـاهـيـم الـعـامـة:

التربة Soil:

هي الطبقة السطحية الهشة أو المفتتة التي تغطي سطح الأرض، تتكون التربة من مواد صخرية مفتتة خضعت من قبل للتغيير بسبب تعرضها للعوامل البيئية والبيولوجية والكيمائية، ومن بينها عوامل التعرية.
ويعرف Wallace H. Fuller التربة على أنها طبقة من مواد مفككة لينة تحتفظ بها القشرة الأرضية تحت تأثير الجاذبية، هي كل ما يفصل الحياة والعدم.

القطاع الترابي Soil profile:

هو مجموعة من المسكات التي تتميز بتناسق وتراتب دقيق في إطار عمودي ابتداء من السطح وانتهاء بالصخرة الأم الذي تكونت فوقه التربة على شكل عمودي وتعرف هاته المسكات علاقات متداخلة وبالتالي تشكل نظاما خاصا داخل القطاع.

المسكة Horizon:

جزء من القطاع الترابي، وهي عبارة عن مستويات ضعيفة السمك تتراوح بين سنتيمترات وبضعة أمتار، تمتد بشكل متوازي مع الطبوغرافية.

مكونات التربة:

تتكون التربة من مواد صلبة عضوية (حية وميتة) ومعدنية (حصى وطمي وصلصال، أوكسيد الحديد). ومواد سائلة (الماء) ومواد غازية (الأوكسجين والآزوت). ويؤدي اختلاط المواد المعدنية بالعضوية إلى تكوين الدبال الباطني، وتحللها في الماء يؤدي إلى تكوين محلول التربة.
ويتوقف تحديد أهمية التربة على أساس النسبة المئوية لكل مجموعة من هذه المجموعات، إذ تتميز التربة الخصبة نسبيا من 53% من المواد المعدنية، و25% من المواد السائلة، و20% من المواد الغازية، و2% من المواد العضوية.

مراحل تشكل التربة (التترب):

يمر تكون التربة بعدة مراحل:
  1. مرحلة التفتت والتفسخ للصخرة الأم وذلك عبر التحول الميكانيكي أو التحول الكيميائي.
  2. المرحلة العضوية تتحول خلالها الفرشة النباتية إلى دبال
  3. مرحلة حمل المادة داخل التربة بواسطة الماء حيث تكون هذه المواد عبارة عن محلول.

العوامل المتدخلة في تشكيل للتربة:

تتدخل في تكوين التربة عدة عوامل متفاعلة تعمل معا بشكل مستمر، تتمثل فيما يلي:
المواد الأصلية: هي المواد غير العضوية التي تتطور منها التربة وتستمد منها المكونات الأولية وتعتبر بذلك الأصل في تكونها، وتكون هذه المواد عبارة عن مواد صلبة (الجرانيت) أو مواد هشة (الرمل – الطمي) تعرضت لعمليات التجوية المختلفة (الميكانيكية أو الكيميائية).
النباتات: تنمو النباتات فوق المادة المفتتة وتوفر لها الحماية من التعرية كما توفر لها ظروف خاصة تساعدها على التطور من خلال الأوراق التي تتساقط فوق السطح (الأنفوضة)، والثمار، والأغصان والبذور، والجذور التي تعمل على تفكيك التربة وزيادة تهويتها ونفاذيتها لإيصال الماء والهواء إلى القطاع الترابي.
الكائنات الحية: تعمل الكائنات الحية على تحلل المادة العضوية وتحويلها إلى ذبال، كما تقوم بعمليات كيميائية من سبيل تثبيت النتروجين والأزوت وأكسدة المواد العضوية المحللة وتحويلها إلى مواد معدنية، وتفتح فراغات في التربة لتهويتها وايصالها بالماء.
المناخ: يشكل المناخ عاملا رئيسيا من خلال تأثير عناصره (الحرارة ـ التساقطات ـ الرياح) على المادة الأصلية التي تكتسب صفات جديدة مع مرور الوقت، حتى إن تصنيف الأتربة يعتمد بالأساس على النطاقات المناخية التي تكونت فيها وليس الصخرة الأم.
التضاريس: تتدخل التضاريس في تكوين التربة بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، إذ يلعب الانحدار دور مهم في سمك التربة حيث يقل في المناطق المنحدرة بينما يزيد في المناطق السهلية، كما أن التضاريس تؤثر في عنصر المناخ فتقلل من تأثيره أو تزيد منه، وفيما بين النهايتين يتدرج تأثير التضاريس على تكوين التربة وتطورها وبذلك نجد تربات ضعيفة وقليلة السمك في السفوح على عكس السافلة.
البشر: أصبح للإنسان دور كبير في تطور التربة، وقد زاد هذا الدور بارتفاع عدد السكان والحاجة إلى الغذاء وبالتالي الاستغلال المكثف للتربة. وعموما فإن تدخل الإنسان يكون أسرع من كافة العوامل الأخرى فبتدخله في اجتثاث الغابات والتسميد يعمل مباشرة على تدهور التربة، كما أنه قد يحدث العكس حينما يتدخل بالتشجير وبناء المدرجات.
الزمن: تخضع التربة في تطورها لعامل الزمن وتتوقف على كيفية تفاعل العوامل الأخرى مع بعضها البعض، إذ أن التربات الموجودة حاليا أغلبها موروث عن ظروف طبيعية مختلفة طوال فترة تواجدها. ويختلف تأثر التربة باختلاف المادة الأصلية، فكلما كانت صلبة كلما احتاجت إلى زمن طويل.

أنواع التربة:

يعتمد تصنيف أنواع التربة على العديد من المعطيات والمقاييس المختلفة وذلك تبعا لتعدد العوامل المتدخلة في تشكيلها، وتتنوع التربات عالميا اعتبارا لخصائص التربة من خلال معيار التركيبة الذي يمكن من تمييز التربة الرملية عن التربة الصلصالية اعتمادا على حجم الحبيبات المكونة للتربة. ومعيار البنية الذي يميز بين التربة المفككة النفاذة والتربة المتماسكة قليلة النفاذية اعتمادا على درجة تماسك ونفاذية التربة. ثم معيار العمق الذي يمكن من تمييز التربة السطحية (15 إلى 30 سنتم) والتربة العميقة (أكثر من 60 سنتم). ومعيار اللون الذي يميز بين التربة الحمراء (غنية بأوكسيد الحديد) والتربة السوداء (الغنية بالذبال) اعتبارا للمواد المعدنية والعضوية بالتربة. وأخيرا معيار الخصوبة للتمييز بين التربة الخصبة (غنية بالمواد المعدنية والعضوية) والتربة الفقيرة (نقص في الذبال وشديدة الحموضة).
بناء عليه، يمكن التمييز بين عدة أنواع من التربة نذكر منهاّ:

تربة التشرنزيوم:

هي تربة سوداء اللون تحتوي على نسبة عالية من الدبال (4 إلى 12%) وأحماض الفوسفوريك والفوسفور والامونيا، هذا مع وجود مسكة ثالثة من كربونات الكالسيوم التي تصعب غسل الدبال الشيء الذي يحافظ على خصوبة التربة ويمكنها من إنتاج غلات زراعية عالية مع قدرتها على تخزين الرطوبة.

تربة البدزول:

أو التربة المرمدة من التربات الضعيفة من حيث الخصوبة ونجدها خاصة في المناطق الباردة (التايكا)، والمناطق الرطبة، وتتكون من مسكة استخلاص Eluviated فقيرة من القواعد والمادة العضوية والحديد والطين وغنية بالكوارتز والسيلس ولونها رمادي. أما مسكة الاستقبال Illuviated فتتكون من الحديد والطين والمادة العضوية ويكون لونها أحمر.

التربة الحمراء:

تربة طينية حمراء تنتشر بالمنطقة المتوسطية وغنية بأكسيد الحديد (Fe2O3)، تكونت هذه التربة تحت تأثير مناخ المناخ المتوسطي الذي يعرف تعاقب فصل جاف وفصل رطب، وتتأثر بشكل كبير بالتعرية المائية والريحية، لذلك تصبح تربة هيكيلية فقيرة لا تسمح بنمو غطاء غابوي كثيف خاصة في السفوح الشديدة الانحدار.

أهمية التربة:

تعمل التربة على تثبيت جذور النباتات وتزويدها بالماء والمعادن كما تشكل موطن جميع الكائنات الحية على الأرض، وتعمل كذلك على ترشيح الماء وتنقيته من الفيروسات والشوائب، وباختصار تتجلى أهمية التربة في كونها مصدر كل شيء نستعمله أو نستهلكه في حياتنا اليومية
خـاتـمــة:
تتعرض التربة للاستغلال المفرط واللاعقلاني من طرف الإنسان سواء في الاستغلال الزراعي أو في التخلص من النفايات الصلبة والسائلة مما يؤدي إلى تراجع نسبة التربة الخصبة في العالم. مما سيفرض تحديات مستقبلية تهدد كمية ونوعية الإنتاج الزراعي وبالتالي حياة الإنسان مستقبلا.
تعليقات