مقدمة
يعاني العالم العربي بشقه الإفريقي والآسيوي تحديات عدة ترتبط أساساً بمعضلة الماء وظاهرة التصحر، نتيجة لتداخل مجموعة من العوامل.
فما مظاهر مشكل الماء وظاهرة التصحر بالعالم العربي؟ وما العوامل المفسرة لها؟ وما الجهود المبذولة لمواجهتها؟
أولاً: مشكل الماء بالعالم العربي، مظاهره وعوامله وتدابير معالجته
تتعدد تجليات خصاص الماء بالعالم العربي
يمثل العالم العربي أكثر مناطق العالم خصاصاً على مستوى الماء، حيث إن معظم الدول العربية تقع تحت خط الفقر المائي، وإن نصيب الفرد العربي من الماء هو الأدنى في العالم، 1000 متر مكعب أحياناً إلى 500 متر مكعب، كما أن الموارد المائية المتجددة لا تمثل سوى 2% من المياه المتجددة في العالم، وإن بعض الدول العربية مهددة بنقصان كمية المياه الواردة إليها من الخارج والتي تمثل 50% من المياه المتاحة لها.
يعزى خصاص الماء بالعالم العربي إلى عدة عوامل
- طبيعياً: سيادة المناخ الصحراوي، وطول فترات الجفاف، وارتفاع معدلات التبخر، وعدم انتظام التساقطات.
- ديموغرافياً: تزايد الضغط على الماء بفعل الارتفاع السريع لعدد السكان بالعالم العربي (463.3 مليون نسمة في أفق 2022).
- اقتصادياً: ارتفاع مستمر للطلب على استعمال الماء في جميع القطاعات، لاسيما الفلاحة والاستهلاك المنزلي.
- جيوسياسياً: وقوع منابع بعض الأحواض المائية في دول غير عربية مثل نهر النيل ونهر دجلة والفرات.
- تقنياً: ضعف أنظمة الري، وعدم كفاية وحدات التخزين المائي أو السدود.
تتنوع التدابير المتخذة لمعالجة مشكل الماء بالعالم العربي
تتخذ دول العالم العربي مجموعة من التدابير لمواجهة مشكل خصاص الماء والتحديات التي يطرحها، نذكر منها:
- بناء السدود والتنقيب عن المياه الجوفية، ومعالجة المياه المستعملة.
- بناء النهر الصناعي العظيم بليبيا، وتحلية مياه البحر بدول الخليج.
- تأسيس مؤسسات تعنى بالماء، وتحسين نظم وأساليب الري السطحي.
- القيام بحملات تحسيس وتوعية، وإصدار قانون الماء.
- التنسيق والتعاون بين الدول العربية لوضع استراتيجية موحدة.
ثانياً: ظاهرة التصحر بالعالم العربي، مظاهرها وعواملها وتدابير معالجتها
تكتسي ظاهرة التصحر بالعالم العربي عدة مظاهر
يُعد العالم العربي أكثر مناطق العالم تصحراً، أزيد من 88% من أراضيه متصحرة أو مهددة بالتصحر، بل إن بعض الدول في المنطقة متصحرة بشكل كلي مثل البحرين والكويت وقطر والإمارات، كما أن نسبة 18% من الأراضي الزراعية تقع تحت تأثير التصحر، ولا ننسى أن نشير إلى أن خط جبهة التصحر بالسودان يتقدم بمعدل يفوق 90 كلم سنوياً.
تسهم عوامل عدة في ظاهرة التصحر بالعالم العربي
- طبيعياً: وقوع معظم الأراضي العربية في مناخ جاف، وتزايد حدة التقلبات المناخية.
- بشرياً: الاستغلال المكثف للتربة والغطاء النباتي، واستنزاف الموارد المائية.
- تقنياً: ضعف تقنيات استغلال التربة، وكفاءة قنوات الري.
تتعدد التدابير المتخذة لمعالجة ظاهرة التصحر بالعالم العربي
تعتمد دول العالم العربي على مجموعة من التدابير من أجل مكافحة ظاهرة التصحر وانعكاساتها، من خلال:
بناء حواجز ميكانيكية وبيولوجية للتقليل من زحف الرمال والتعرية.
اعتماد الزراعة الكنتورية ونظام الدورة الزراعية، وإصدار تشريعات لحماية المراعي والغابات.
تشجيع عمليات التشجير لتثبيت التربة، وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية واستصلاحها.
محاربة الفقر والجهل والأمية، وملاءمة المشاريع الزراعية مع البيئة الجافة.
تأسيس المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والقاحلة، وتنسيق الجهود بين الدول العربية.
خاتمة
رغم كل التدابير المتخذة، ما يزال العالم العربي يعاني من الانعكاسات السلبية المترتبة عن معضلتي الخصاص المائي والتصحر، ما يستوجب بذل جهود مضاعفة وتقوية التعاون بين الأقطار العربية.
مفاهيم ومصطلحات
- التصحر: تدهور إنتاجية التربة وفقدانها للخصوبة وتنشط أكثر في المناطق الجافة والـــــشبه الجافة.
- الترمل: مظهر من مظاهر التصحر ويتمثل في زحف الكثبان الرملية على الواحات والأراضي الزراعية أو السكنية بفعل هبوب الريـــاح.
- مشكل الماء: هو الخصاص الحاصل في كمية المياه المتوفرة بشكل لا يلبي مختلف احتياجات الإنسان، خاصة عندما يصبح نصيب الفرد من الماء سنويا اقل من1000م³ .
- مياه متجددة: هي كمية من المياه السطحية التي توفرها الأنهار و الوديان خلال السنة وترتبط أساسا بالتساقطات.
- مياه متاحة: هي كمية من المياه القابلة للتعبئة أو الاستغلال حسب الوسائل التكنولوجية الخالية بشكل غير مكلف ماديا.
- المصدات: من التدابير التقنية المستعملة في مواجهة التصحر على شكل أحزمة من الأتربة أو جدران أو أشجار من اجل تكسير قوة الرياح والحد من سرعتها.