تُعدّ النظرية التايلورية، أو ما يُعرف بـ"الإدارة العلمية"، من أهم النظريات التي ساهمت في تطوير مفاهيم العمل والتنظيم داخل المؤسسات الصناعية في مطلع القرن العشرين. وقد ظهرت هذه النظرية على يد المهندس الأمريكي فريدريك وينسلو تايلور، الذي سعى من خلالها إلى رفع كفاءة الإنتاج وتحقيق أعلى قدر من الفعالية عبر التنظيم العلمي للعمل.
![]() |
عمال في مصنع خلال الثورة الصناعية – تطبيق مبادئ تايلور في التنظيم الصناعي |
من هو تايلور؟
وُلد فريدريك وينسلو تايلور في 20 مارس 1856 وتوفي في 21 مارس 1915، وكان مهندسًا ميكانيكيًا أمريكيًا عُرف على نطاق واسع بأساليبه الرامية إلى تحسين الكفاءة الصناعية. ويُعتبر أحد أوائل المستشارين في مجال الإدارة.
![]() |
فريدريك تايلور سنة 1907 – رائد الإدارة العلمية |
لقد ساهم عمله الريادي في تطبيق المبادئ الهندسية على المهام المنفذة في أرضية المصنع في تأسيس وتطوير فرع الهندسة الذي يُعرف اليوم باسم الهندسة الصناعية.
وقد ذاع صيت تايلور وذاع فخره بفضل إسهاماته في مجال الإدارة العلمية، حتى إن هذا النهج أصبح يُعرف أحيانًا بـ"التايلورية" نسبةً إليه.
ومع ذلك، فإن ثروته لم تأتِ من هذا المجال، بل من تسجيل براءات اختراع لتحسينات في عمليات تصنيع الفولاذ.
خلفية ظهور النظرية
جاءت النظرية التايلورية في سياق الثورة الصناعية، حيث شهد العالم تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة، أدت إلى ظهور الحاجة لتنظيم العمل بشكل أكثر عقلانية. لاحظ تايلور أن أغلب طرق العمل كانت عشوائية وغير منتظمة، مما يؤدي إلى الهدر في الوقت والموارد. فاقترح بديلاً يقوم على أسس علمية دقيقة تعتمد على الملاحظة والتجريب.
مبادئ النظرية التايلورية
ترتكز النظرية على أربعة مبادئ رئيسية:
- تحليل كل وظيفة عمل بطريقة علمية لتحديد أفضل طريقة لأدائها.
- اختيار وتدريب العمال علميًا بدلًا من تركهم يتعلمون بأنفسهم.
- التعاون بين الإدارة والعمال لضمان تنفيذ الأساليب العلمية.
- توزيع المسؤوليات بين الإدارة والعمال بشكل واضح، بحيث تخطط الإدارة ويقوم العمال بالتنفيذ.
تأثيرات النظرية على بيئة العمل
أسهمت النظرية التايلورية في رفع الإنتاجية وتحقيق الانضباط داخل المؤسسات، لكنها لاقت أيضًا انتقادات عديدة، خاصةً من النقابات العمالية، إذ اعتبر البعض أنها تُهمل الجانب الإنساني للعامل وتركّز فقط على الجوانب المادية والكفاءة.
خاتمة
رغم مرور أكثر من قرن على ظهورها، ما تزال النظرية التايلورية تُدرّس وتُناقش بوصفها مرجعًا مهمًا في فهم تطور الفكر الإداري. فقد وضعت الأسس الأولى لفكرة "الإدارة العلمية" التي تطورت لاحقًا لتُنتج نظريات حديثة تراعي البُعدين الإنتاجي والإنساني في العمل.