أخر الاخبار

الظهير البربري حين أرادت فرنسا أن تمزق المغرب على أساس عرقي وإثني

تعريف الظهير البربري

إن ظهير 16 ماي 1930م المعروف بالظهير البربري هو ظهير أصدرته السلطات الفرنسية باسم السلطان قصد إخضاع القبائل الأمازيغية للمحاكم العرفية الجنائية الفرنسية، يعتبر أغلب المؤرخين صدور هذا الظهير بمثابة البداية الفعلية للحركة الوطنية المغربية من حيث إنها كانت أول ما أظهرت رد فعل قوي وتلقائي على صدور هذ الظهير. ويرجع تخوف المغاربة من هذا القانون التشريعي الذي أعلنت عنه إدارة الحماية الفرنسية إلى كونه يقسم المغرب إلى عالمين متمايزين ومنفصلين انفصالا كليا: عالم الناطقين باللغة العربية، وعالم «البربر» الذين يتحدثون باللغة الأمازيغية وحدها، ويعتبر هذا القانون تطبيق للإيديولوجيا التي كان الفرنسيون يروجونها قبل حلول الاستعمار الفرنسي سنة 1912م، حيث كانت الصورة التي رسمتها معظم الدراسات الاستعمارية للمغرب أنه بلد مقسم إلى كتلتين بشريتين "العرب" و"البربر" وإلى منطقتين "بلاد السيبة" وبلاد المخزن" وإلى نظامين "نظام عرفي" سائد في المناطق الأمازيغية، ونظام شرعي في المناطق الناطقة بالعربية.

سعت فرنسا من وراء هذا الظهير إلى ضرب وحدة المغاربة

إن الهدف الأساسي لهذه السياسة هو ضرب وحدة الشعب المغربي وكسر شوكة المقاومة والتفكيك بين الإخوة المغاربة أي بين العرب والأمازيغ وتسهيل الطرق لنشر المسيحية بينهم استعدادا لتحويل البلاد إلى طوائف متصارعة فيما بينها ليسهل ضم افريقيا الشمالية إلى فرنسا حتى تصبح مقاطعة فرنسية خاصة للنظام والتقاليد والديانة واللغة، عن طريق طمس الخصوصيات المحلية العربية الاسلامية للمجتمع المغربي، فرنسة المغرب لغويا وسياسيا وقضائيا، التمييز العرقي بين مختلف فئات الشعب المغربي من خلال اتباع سياسة "فرق تسد".

ردود الفعل حول الظهير البربري

في سنة 1930 أجبرت الإقامة العامة السلطان محمد بن يوسف على توقيع قرار الظهير البربري الذي تضمن اعفاء القبائل الأمازيغية من رضوخها لقضاء المخزن المستند الى الشريعة الاسلامية، وتكريس نظامها القضائي العرفي في المواد المدنية التي تخص الامازيغ في المواد الجزئية للقضاء الجنائي الفرنسي من خلال هذا الاجراء، أرادت الحماية تكريس الادعاءات المزعومة في تقسيم البلاد ما بين بلاد المخزن وبلاد السيبة. والتعارض ما بين القبائل الامازيغية بالجبال والناطقين بالعربية في السهول والمدن، فتح مجال تنصير المجتمع البربري، وبالتالي ضرب الوحدة المعنوية للدولة خاصة وإن مخاوف هذه النوايا بدأت تظهر للعيان، وهو الحدث الذي هز بعنف ومرارة مشاعر المجتمع ، خلف هذا الاستعمار استياء شعبيا مثيرا، قامت الاحتجاجات التي عمت مختلف مناطق المغرب معبرة عن رفضها لسياسة التميز والفصل بين فئات المجتمع المغربي، فكان الالتفاف واضحا بين العرب والبربر في وجه هذا القانون، فكان أن اجتمعت الجماهير في مساجد سلا والرباط وباقي المدن المغربية، فقد اشتدت الحركة الاحتجاجية حيث كان جامع القرويين يمتلئ يوميا بآلاف المحتجين.
كان هذا الظهير ذريعة لإشعال الاضطرابات في المغرب، ومشجعا على توحيد الصفوف في المغرب على مواجهة السياسة الفرنسية وهو ما نتج عنه خلق حزب سياسي معارض للتواجد الفرنسي، وعن الحالة التي آل اليها المغرب بعد الاعلان عن مشروع الظهير البربري.
تعليقات