أخر الاخبار

تفاوت النمو بين الشمال والجنوب: المجال المتوسطي نموذجا

مــقــدمـــة:

 يعيش المجال العالمي تفاوتا بين الشمال والجنوب، ويعد المجال المتوسطي أحد مظاهر تجسيد التفاوت بين ضفة شمالية غنية وجنوبية أقل نمو.

  • فما خصائص المجال المتوسطي؟
  • وما مجالات التفاوت بين شماله وجنوبه؟
  • وما واقع التعاون الأورو متوسطي وآفاقه المستقبلية؟
مدونة الاجتماعيات | دروس الجغرافيا | الثانية بكالوريا | تفاوت النمو بين الشمال والجنوب: المجال المتوسطي نموذجا
الهجرة من الجنوب نحو الشمال أحد أبرز مظاهر التفاوت بين الضفتين

I. المجال المتوسطي: خصائصه الطبيعية، وتفاوت النمو بين ضفتيه:

1. يتميز المجال المتوسطي بخصائص طبيعية متباينة:

يقصد بالمجال المتوسطي مجموع البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، يتوسط موقعه خريطة المجال العالمي، ويمتد على قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، ويمتاز بموقع استراتيجي مهم إذ يطل على أربع وجهات بحرية، مستفيدا من مجموعة من المضايق (الدردنيل، البوسفور، جبل طارق) وقناة السويس، ويتوفر المجال المتوسطي على سهول ساحلية ضيقة، وأتربة سريعة التدهور خاصة في الضفة الجنوبية، كما يسود المناخ المتوسطي الرطب بالشمال مقابل مناخ جاف بالجنوب، إلى جانب غذاء نباتي متنوع ومتدهور بشكل واسع، وموارد مائية تتسم بسوء التوزيع، حيث تتركز أغلبيتها في الصفة الشمالية.

2. تتعدد مجالات التفاوت بين شمال وجنوب المجال المتوسطي:

الفلاحة: تمكنت بلدان شمال المتوسط من عصرنة فلاحتها، باعتماد الوسائل الحديثة والبحث الزراعي، مستفيدة من الظروف الطبيعية الملائمة مما جعلها تحقق فائضا موجها للأسواق الخارجية، فيما ظلت فلاحة بلدان الجنوب ضعيفة باعتمادها على أنشطة تقليدية في أغلبها، مما انعكس على الإنتاج الذي لا يكفي لتغطية السوق الداخلي؛

الصناعة: تتوفر بلدان الشمال على قطاع صناعي متقدم، يتسم بتنوع وارتفاع الإنتاج، وتزايد أهمية الصناعات العالية التكنولوجيا على حساب الصناعات الثقيلة التي أصبحت توجهها نحو دول الجنوب في إطار إعادة التوطين، بالمقابل ما تزال بلدان الجنوب ضعيفة الإنتاج الصناعي رغم توفرها على مواد طاقية ومعدنية مهمة في ظل هيمنة الصناعات الاستهلاكية والاستخراجية؛

التجارة: تسجل بلدان الشمال فائضا في ميزانها التجاري، إذ تهيمن على صادراتها المواد المصنعة والعالية التكنولوجيا، في حين تسجل بلدان الجنوب عجزا تجاريا وتبعية اقتصادية، بفعل هيمنة المواد الأولية على صادراتها؛

السياحة: تحتكر بلدان الشمال على معظم تيارات السياحة بالمجال المتوسطي، بتوفرها على مؤهلات ومحطات سياحية مهمة، مقابل ضعف التيارات المستقطبة من طرف الجنوب، نتيجة ضعف الإمكانيات والمؤهلات السياحية؛

التنمية البشرية: تسجل بلدان الشمال ارتفاعا في مؤشر التنمية البشرية الذي يتجاوز 0,8 في أغلب البلدان، بفضل ارتفاع الدخل الفردي ونفقات الصحة والبحص العلمي، مقابل مؤشر متوسط ببلدان الجنوب، الذي يجسد ضعف الدخل الفردي وارتفاع نسب الأمية والفقر والبطالة.

II. تهدف الشراكة الأورو متوسطية إلى تحقيق التوازن بين الشمال والجنوب:

1. يشمل التعاون الأورو متوسطي عدة مجالات:

للتخفيف من حدة التفاوتات بين شمال وجنوب المتوسط دخلت دول المنطقة في إطار ما سمي بالشراكة الأورو متوسطية، التي انطلقت من خلال عقد مؤتمر برشلونة 1995، إذ تم وضع عدة مجالات للتعاون، تهم المجال السياسي والأمني عبر العمل على إقرار السلم واحترام حقوق الإنسان وتبني الديمقراطية مع محاربة الهجرة السرية، والمجال الاقتصادي والمالي عبر تنمية المبادلات التجارية وإنشاء منطقة للتبادل الحر بإلغاء الرسوم الجمركية، والتعاون في قطاعات الاستثمار، إضافة إلى التعاون في المجال الثقافي والاجتماعي عبر التنسيق بين مختلف مكونات المجتمع، وإحداث شراكات حول قضايا المرأة والشباب والتربية، وتنمية الحوار بين الثقافات وتطوير التراث.

2. حصيلة التعاون الأورو متوسطي وآفاقه:

حصيلة التعاون: رغم ارتفاع عدد المشاريع المنجزة وقيمتها المالية، والتقدم الملموس الذي حققته البلدان المتوسطية في مجال التعاون الثنائي، والتطور الإيجابي لحجم الاستثمارات الأوربية في بلدان الجنوب، تظل حصيلة الشراكة المتوسطية دون النجاعة الكافية، حيث تظل الضفة الجنوبية للمتوسط أقل جاذبية للمستثمرين الأوربيين، ولا ترقى المبادلات التجارية البينية إلى المستوى المرجو، نتيجة عدة اكراهات على رأسها الإكراه المؤسساتي والقانوني.

الآفاق: تسعى بلدان المتوسط إلى تحقيق تعاون أكبر عبر ربط العلاقات بين الشمال والجنوب، بتصاعد مخاطر انعدام الاستقرار، والتأكيد على الإسراع في تطويق مصادر المشاكل الاقتصادية لبلدان الجنوب، عبر تسهيل ولوج سلعها للأسواق الأوربية، ونهج إصلاحات عميقة من قبيل تحرير الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان. مع التأكيد على ضرورة توجه الشراكة نحو خلق فضاء يضمن مصالح الجميع.

خــاتــمــة:

يظل المجال المتوسطي أكثر المجالات تجسيدا لتفاوت النمو بين الشمال والجنوب، تفاوتا لا يمكن التخفيف منه إلا باعتماد تعاون أورو متوسطي ذي بعد إنساني يستهدف تجاوز الصعوبات المعرقلة لبلدان الجنوب.


مفاهيم ومصطلحات:

  • المجال المتوسطي: مجال جغرافي يضم الدول الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط والتي يبلغ عددها 22 دولة إفريقية وأوربية وأسيوية.
  • تفاوت النمو بين الشمال والجنوب: تباين مجالي اقتصادي واجتماعي وثقافي بين بلدان الشمال المتقدمة والغنية وبلدان الجنوب المتخلفة والفقيرة.
تعليقات