أخر الاخبار

الحركة الوطنية المغربية

كتب كثيرون عن الحركة الوطنية المغربية، كل من منزعه ومقصده، ومع ذلك فإن تاريخ الحركة الوطنية لا زال لم يدون التدوين الكامل، ولم يؤرخ التأريخ الكافي والوافي، وذلك لأسباب متعددة، أهمها أن بعض الذين قادوا الحركة الوطنية، لم يكتبوا مذكراتهم ولم يسجلوا الأحداث والوقائع التي ساهموا في صنعها، وشاركوا في القيام بها
صورة لبعض زعماء الحركة الوطنية

تعريف الحركة الوطنية:

الحركة الوطنية المغربية هي حركة اجتماعية سياسية حضرية ولدت في ثلاثينيات القرن العشرين، لمناهضة الحماية الفرنسية والإسبانية على المغرب، واستمرت هذه المقاومة السياسية المطالبة بالإصلاحات والمساواة مع الفرنسيين المقيمين بالمغرب.

ظروف نشأة الحركة الوطنية بالمغرب

الحركة الوطنية المغربية هي كذلك امتداد لحركات الجهاد التي كانت تنطلق من المساجد والزوايا والرباطات لصد الغزو الإسباني والبرتغالي على السواحل المغربية. فبعد توقيع السلطان المولى عبد الحفيظ على معاهدة فاس مع السلطات الفرنسية في 30 مارس 1912، انتهت مرحلة طويلة من تاريخ المغرب المستقل ودخلت البلاد في مرحلة جديدة تمثلت في فقدان الاستقلال، مما ولد شعورا قويا بالانتماء للوطن وقد كان هذا الإحساس هو السبب الرئيسي لتصدي القبائل المغربية للاحتلال الأجنبي بواسطة مقاومة مسلحة.
ظهرت العلامات الأولى للحركة الوطنية سنة 1925م مع نهاية حرب الريف، فقد كانت ثورة عبد الكريم الخطابي وما خلفته من صدى في الخارج والداخل، وما حققته من انتصارات على الإسبان في معركة "ظهر أوبران" و "أنوال" الوحيد للمغاربة في دحر الاحتلال العسكري بالقوة. لكن النكسة التي خلفها استسلام عبد الكريم الخطابي بعد تحالف الإسبان والفرنسيين ضده، ونفيه إلى الخارج، خلفت تأثيرا سلبيا في النفوس، فبعد انتهاء هذه الحرب وكنتيجة للأوضاع التي فرضتها كان لزاما على المغاربة التفكير في تغيير نهج الكفاح في المغرب ضد سلطات الحماية في المنطقتين الشمالية والجنوبية، ولأجل ذلك ظهرت في البلاد نخبة مثقفة ادركت أنه حان الوقت لإطلاق العمل السياسي بسبب فشل العمل المسلح في تحقيق اهدافه كاملة، منه كان انطلاق الحركة الوطنية بالمغرب التي مرت بعدة مراحل للحصول على استقلال المغرب.

الحركة السلفية المغربية
تمثلت البوادر الاولى للحركة الوطنية في ظهور "الحركة السلفية" بالمغرب خلال النصف الأول من القرن العشرين، وكان للحركة السلفية الإصلاحية التي تعود جذورها إلى جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا تأثير كبير على الحركة الوطنية بالمغرب، حيث ساهمت الدروس التي تلقاها رواد هذا التيار بالمغرب كأبو شعيب الدكالي ومحمد بن العربي العلوي في الرد على الأطروحات التي ربطت الإسلام بوضعية التخلف من جهة، كما استطاعت امتصاص الصدمة الناتجة عن الهزيمة العسكرية التي لحقت بالمقاومة المسلحة من جهة أخرى. وتعززت هذه الحركة بالزيارة التي قام بها شكيب أرسلان لمدينة تطوان سنة 1930م. التي كان لها دور في الربط بين الحركة الاصلاحية بين المشرق والمغرب ، فكانت إرهاصا في بروز وعي ديني سياسي سليم، جاءت هذه الحركة كمرجعية نظرية وفكرية من أجل تأطير الحركة الوطنية في مسألة الدفاع عن الهوية المغربية في أبعادها الدينية واللغوية والثقافية. ويرجع البعض بداية الحركة الوكنية إلى الظهير البربري الذي عمد على تقسيم الشعي المغربي على أساس ديني وعرقي.


الحركة الوطنية المغربية ما بين 1930 - 1944

  خلفت السياسة الفرنسية ردود فعل قوية تمثلت في الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية التي أمطرها العالم الإسلامي على فرنسا من أثر على تبديل سياستها أو محاولة العدول عنها، بل زادت السلطات الفرنسية في التمسك بضرورة المحو لكل ما من شأنه أن يبعث الروح القومية في نفوس المغاربة، ولذلك انتظم الوطنيون في دائرة كتلة تعمل لتنسيق الحركة الوطنية وتوجيهها. وقد فكرت الكتلة في أن أول عمل يجب أن تقوم به هو تنوير الرأي العام في فرنسا والخارج من جهة، وتنبيه الشعب و إعداده لتحمل أطوار المقاومة من جهة أخرى. وبذلك أخدت البلاد تشهد مظاهر وألوانا من الاحتجاجات التي لم تعهدها من قبل، فمن نشرات تعلق بالجدران وتوزع بآلاف في كل الأوساط إلى أغاني تنشر بين الناس، ونشر أبحاث قيمة عن البربر وأثرهم في الاسلام والشخصيات الكبيرة التي نبغت من بينهم. وإلى جانب كل ذلك فقد دعت لمقاطعة سائر البضائع الفرنسية، والاستعاضة عنها بالبضائع المغربية والعربية...، وقد نجحت هذه الدعوة نجاحا كبيرا.
حاولت الإدارة أن تقاوم كل ذلك بالضغط أحيانا والدعاية أحيانا أخرى، ولكنها لم تصل الى ايقاف التيار الذي عم الاوساط كلها، وشمال الجهات بأسرها والذي أغضب الادارة أكثر من كل هذا هو استفحال هذه الدعاية في الاوساط البربرية، وانبعاث الوعي القومي في نفوس المغاربة الذين أصبحوا يحسون ويتحركون للدفاع عن دينهم وعقيدتهم، وأصبح التغني بالأناشيد الحزينة التي تبكي حالة الوطن.

ظهور كتلة العمل الوطني
برزت نخبة شابة مثقفة حاولت انتشال الأهالي وتأطيرهم في مؤسسات دينية لتأسيس جبهة موحدة للتعبير عن عدم الرضا بالسياسة الاستعمارية، فكون هؤلاء الشباب البذور الأولى لكتلة العمل الوطني في بداية الثلاثينات وهو أول جهاز سياسي منظم فرض نفسه على الساحة السياسية المغربية بالرغم من عدم رضا سلطات الحماية عليه، وقد اخد أعضاء وقيادة الكتلة على عاتقهم الكفاح السياسي، وهكذا لم ينته الفرنسيون من القضاء على المقاومة المسلحة حتى انشغلوا بالمقاومة السياسية.
أسس علال الفاسي رفقة مجموعة من رفاقه جمعية سرية سميت باسم الزاوية، وبعد فترة وجيزة أسست جمعية أخرى سميت بالطائفة، كانت تعمل في الظاهر على أنها كتلة مستقلة عن الزاوية لكنها في الواقع جزء منها، وسرعان ما حلت محلها وهي التي أخدت اسم "كتلة العمل الوطني"، حيث نظم الوطنيون في دائرة كتلة العمل لتنسيق الحركة الوطنية وتوجهيها.
بعد صدور قانون الحاق المغرب بوزارة المستعمرات سنة 1934، تقدمت في نفس السنة الحركة الوطنية بمجموعة من الإصلاحات إلى الإقامة العامة والحكومة الفرنسة وإلى السلطان المغربي، مطالبة الحكومة الفرنسية ان تحترم ما جاء في نص معاهدة فاس، وذلك بإلغاء الادارة الاستعمارية المباشرة والحفاظ على الوحدة الادارية والقضائية، وتضمن هذا البرنامج مجموعة من المطالب:
  • السماح بإنشاء مدارس حرة للأهالي؛
  • جعل مداخل استثمار المناجم من اختصاص السلطة المغربية؛
  • طلب بناء المستشفيات للعلاج؛
  • إيقاف نزع الملكية عبر التحايل أو بالقوة.
وعمل علال الفاسي ضمن إطار كتلة العمل الوطني على تأسيس الصحافة بهدف شرح القضية المغربية والتعريف بها، فأسس مجلة المغرب في باريس بالتعاون مع أعضاء الحركة الوطنية ومع بعض الاشتراكيين في فرنسا، ثم جريدة عمل الشعب بفاس باللغة الفرنسية ومجلة السلام بتطوان في اتفاق بين الوطنيين بالشمال والجنوب، وصدرت جريدة الحياة باللغة العربية برئاسة عبد الخالق الطريس والتي كانت لسان كتلة العمل الوطني بالشمال.
إلى جانب هذه الحملات الصحفية قررت الكتلة أن تقوم بإلقاء دروس شعبية عامة بجامعة القرويين، وكانت هذه الدروس تضم الى جانب طلبة الجامعة والمدارس الثانوية والنخبة المثقفة في البلاد آلاف المغاربة من الرجال والنساء، الذين كانوا يجدون فيها الأسلوب الجديد الذي يحاول أن يخرج بهم إلى التفكير بحالهم ومصيرهم.
بدأت الاجتماعات في المساجد والاحتجاجات والتظاهرات في كل المدن، وعلى اثرها بدأت الاصطدامات الأولى مع الاحتلال الفرنسي فبدأت سلسلة اعتقالات واسعة في صفوف الوطنيين، فالدفاع عن الدين وسيلة ناجحة لتعبئة الجماهير التي لم تكن تتجاوب مع شعارات الوطن والأمة. ولقد كانت الكتلة في بدايتها اتجاها سياسيا وطنيا وليس حزبا سياسيا، كانت مستندة إلى أسس دينية، ولكنها تحولت سنة 1934م حين رفضت الاقامة العامة أن يؤدي محمد الخامس بجامع القرويين، فانتهزوا الفرصة للالتفاف حول السلطان.

انشقاق كتلة العمل الوطني
دخل الخلاف بين قيادة الكتلة فأصبحت الحركة الوطنية منقسمة الى مجموعتين منبثقتين عن كتلة العمل الوطني، مجموعة بزعامة علال الفاسي والتي احتفظت مؤقتا بكتلة العمل الوطني، ومجموعة تزعمها محمد حسن الوزاني التي ستختار فيما بعد الحركة القومية اسما لها.
بسبب هذه الاوضاع التي شهدتها الحركة الوطنية تأسست في المنطقتين الشمالية والجنوبية أحزابا سياسية.

النشاط السياسي في منطقة الحماية الفرنسية


الحزب الوطني:
بعدما قام محمد بن الحسن الوزاني بالانسحاب من كتلة العمل الوطني قام علال الفاسي بتنظيم الحزب تحت اسم الحزب الوطني في 13 أكتوبر 1937 م، أعلن الحزب عن توجيه أفكاره القومية فاصدر جريدتين هما "الأطلس" بالعربية التي كانت تعكس تصوراتهم وتمسكهم بالإسلام و "العمل الشعبي" بالفرنسية، ومن خلال نشاطه استطاع الحزب أن ينقل افكاره للرأي العام المغربي وأن ينشر مبادئه وذلك من أجل تحقيق المطالب المغربية فقد أعلن الحزب برنامجه المتضمن لـ:
  • العمل لإصلاح أوضاع البلاد باعتماد الشرعية الإسلامية في جميع المجالات؛
  • الاهتمام بالتربية الدينية والخلقية؛
  • التمسك بالنظام الملكي كأساس للوحدة الوطنية.

الحركة القومية
ظهرت النخبة العصرية الحديثة في ظل الإصلاحات وتأثرها بالاستعمار الأوروبي سياسيا وحضاريا وقد ساهم الإستعمار الفرنسي في ظهور نخبة عصرية موالية لتوجهاته وسياسته غير أن الكثير من عناصرها تغيرت نتيجة تأثرها بمبادئ الحرية والعدالة لخدمة الحركة الوطنية واتباعها لأساليب العمل السياسي وتبنيها لفكرة الاصلاح، وقد عبر عن هذا التوجه في المغرب فريق من كتلة العمل المراكشي بزعامة محمد الحسن الوزاني الذي انفصل عن كتلة العمل الوطني قام بتأسيس الحركة القومية في 22 يوليوز 1937، أسس جريدة الدفاع وجريدة الرأي العام لتنطق باسم الحزب وقد دعا برنامجه إلى تثبيت الحكم الدستوري النيابي.

النشاط السياسي في منطقة الحماية الاسبانية

يعتبر العمل في منطقة الريف تكملة لما هو قائم في منطقة النفوذ الفرنسي ويعتبر عمل موحد للحركة الوطنية المغربية ومن أبرزها ما يلي:

حزب الاصلاح الوطني
من أبرز الاسباب التي أدت الى تأسيس هذا الحزب. قيام الجمهورية ووصول الجنرال فرانكو الى الحكم، والتأثر بالحركات والتيارات التي كانت سائدة في العالم العربي. ساهم هذا في تأسيس الحزب في 28 يونيو 1936م، بزعامة عبد السلام بنونة واعتباره من أبرز المؤرخون المراكشيون في الحركة الوطنية المغربية بالمنطقة الشمالية وبدأ نشاطه السياسي العلمي بتأسيس المجمع العلمي المغربي كما أنشأ المدرسة الأهلية بتطوان التي أدارها محمد داوود.
أصدر عبد السلام بنونة مجلة بعنوان الاصلاح، بالإضافة الى أنه قام بتوعية الشباب في شمال المغرب الأقصى وبث روح الوطنية والاصلاح الديني بين المثقفين وبين أفراد طبقات الشعب.

حزب الوحدة المغربية
ظهر هذا الحزب برئاسة محمد المكي الناصري في الثالث من فبراير سنة 1937م، بعد الانشقاق عن حزب الاصلاح الوطني بسبب الخلافات الحزبية، وأصدر صحيفة الوحدة المغربية الناطقة باللغة العربية.

الحركة الوطنية والمطالبة بالإصلاحات

اتجهت الحركة الوطنية في هذه المرحلة الى انتقاد الحماية والتشنيع على سياستها في جميع مظاهرها، وإلى العمل لإصلاح شؤون البلاد، فقررت كتلة العمل الوطني صياغة برنامج إصلاحي يضم مجموعة المطالب الاصلاحية ويشمل مجموعة من المجالات.

ظهور فكرة الاصلاح
بدأت كتلة العمل الوطني ببرنامج إصلاحي وتوجهت بمطالبها نحو الحماية الفرنسية، وعملت على عدم اصطدامها مع السلطان محمد بن يوسف الذي كان في هذه الفترة لا يعارض اتجاهات الإقامة العامة الفرنسية، وعملت الكتلة على اجتذابه إلى صفوفها، فكان أول عمل بارز قامت به الكتلة بعد وصول حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا هو تقديم برنامج إصلاحي في 01 شتنبر 1936، حيث تضمن هذا البرنامج العمل من أجل المساواة بين المغاربة والفرنسيين في الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي يناير 1937 حدث انشقاق في صفوف الكتلة بسبب اختلاف التكوين الثقافي والتوجه السياسي وللانتماء الطبقي بين زعماء الكتلة وبرز حزب جديد باسم حزب الحركة القومية برئاسة محمد الحسن الوزاني، حيث واصلت الكتلة نضالها بزعامة علال الفاسي رئيسا وأحمد بلافريج أمينا عاما، فتقدم أعضاء هذه الكتلة ببرنامج اصلاحي للإدارة الفرنسية.

برنامج الإصلاحات المغربية
اتجهت الحركة الوطنية في هذه المرحلة الى انتقاد الحماية على سياستها في جميع مظاهرها، فالحماية التي لم يقبلها المغرب إلا مجبورا، وتزعم أنها لم تفرض إلا لمساعدة المغرب على التقدم والارتقاء والاحترام الكامل لدينه وتقاليده كما قال ليوطي في تعريف الحماية سنة 1920م أن الحماية تعني "أن البلاد تحتفظ بمؤسساتها تحكم نفسها وتدير شؤونها بنفسها". ولكن العمل الذي صارت به الحماية هو الحكم المباشر الذي يتنافى تماما مع الرقابة المفروضة، ولذلك فقد كان الهم الأكبر للوطنية المغربية هو تنبيه الفرنسيين أنفسهم بضرورة العدول عن هذا الأسلوب. فأخذت الصحافة الفرنسية تتهم الوطنيين المغاربة بالتهييج من أجل أشياء لا يستطيعون هم أنفسهم تحديدها، فقررت كتلة العمل الوطني أن تضع حدا لتقولات الفرنسيين، وتتحدى السلطة بتقديم برنامج إصلاح تعتبره كمرحلة أولى قبيل الاستقلال، وهكذا وضع برنامج الاصلاحات المغربية وتم رفعه في شهر نونبر 1934، وقدمه علال الفاسي ومحمد اليزيدي ومحمد الديوزي للإقامة الخارجية الفرنسية. وشمل البرنامج مجموعة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والعدلية التي تمثلت في:
السياسة الإدارية: إنشاء نظام إداري يرتكز على ما ورد في معاهدة الحماية، إلغاء الحكم المباشر، وتكوين حكومة مغربية، وإقرار حرية التعبير.
السياسة الاقتصادية والمالية: وضع حد للاستغلال الاقتصادي، والمساواة في الضرائب بين المغاربة والأجانب، تكوين تعاونيات فلاحية، حماية الصناعة التقليدية من المنافسة، تأميم مصادر الطاقة والسكك الحديدية...؛
السياسة الاجتماعية: الاهتمام بالتعليم خصوصا الابتدائي، والصحة كإحداث المستوصفات والمستشفيات، وتحسين ظروف العمال المغاربة مثل تحديد ساعات العمل في 8 ساعات.
ويشمل برنامج الاصلاحات المغربية على 15 فصلا هي كالتالي:
  • الإصلاحات السياسية؛
  • الحريات الشخصية والعامة؛
  • الجنسية المغربية والحالة المدنية؛
  • الإصلاحات العدلية؛
  • الإصلاحات الاجتماعية؛
  • الأوقاف الإسلامية؛
  • الصحة العامة والإسعاف الاجتماعي؛
  • شؤون العمل؛
  • الإصلاحات الاقتصادية والمالية؛
  • النظام العقاري؛
  • الضرائب والأداءات؛
  • الإصلاحات المتفرقة؛
  • العربية كلغة رسمية للبلاد؛
  • العلم المغربي والأعياد الرسمية والتشريفات؛
  • الاستعمار والفلاحة المغربية؛
أما الخطوط الرئيسية للبرنامج فهي:
تطبيق معاهدة الحماية وإلغاء كل مظاهر الحكم المباشر؛
توحيد التضامن الاداري والقضائي لجميع البلاد المغربية؛
تقديم المغاربة في جميع فروع الادارة المغربية؛
الفصل بين السلطات التي يقوم بها القواد والباشوات؛
إحداث البلديات ومجالس اقليمية وغرف تجارية.

رد فعل سلطات الحماية تجاه مطالب الشعب المغربي:
لقي برنامج الاصلاحات المغربية الموجه للسلطات الاستعمارية صدى واسع في الاوساط الفرنسية والمغربية، وقد أصدرت الحكومة الفرنسية أمرها للإقامة العامة بضرورة دراسة البرنامج، وامدادها بوجهة نظر فيه، فقامت بتوزيع البرنامج على الإدارات المختصة ودراسة القسم الموجه لها في لجان خاصة، مع أخذ رأي جميع فروعها، وأعلنت بعض الملاحظات التي تراها مناسبة وفقا لتصورها الخاص.
لكن رغم كل الدراسات التي شهدها برنامج الاصلاحات المغربية من طرف الحكومة الفرنسية والإقامة العامة بالمغرب، ظفرت المطالب المغربية بالتردد من الحماة ولم تحظى بالتنفيذ إلا القليل من جزئياتها، ولعل الرأي الصحيح للحماة في شأنها هو ما صرح به "موسيو جيرار دان" المستشار السابق لمحمد بن يوسف "إن مطالبكم تشتمل على ثلاثة أقسام":
 قسم يمكن تنفيذه من الآن، وقسم يمكن تنفيذه لكن بعد حين، أما القسم الثالث فلا يمكن تنفيذه لأننا لا نريد الجلاء عن المغرب من تلقاء أنفسنا".

المقاومة السياسية من 1944- 1953.

تطورت الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال:
تميزت بداية الأربعينيات بتحولات وطنية ودولية، ساعدت الحركة الوطنية في تغيير مواقفها إزاء سلطات الحماية مستفيدة من الأحداث العالمية ومن بينها هزيمة فرنسا أمام النازية في المرحلة الأولى من الحرب العالمية الثانية من 1939 - 1942 وهو ما دفع بالدولة الحامية الى إنزال كل ثقلها في الحرب فكان ذلك على حساب تواجدها بالمغرب يضاف لذلك إنزال القوات الأمريكية بالدار البيضاء 1942 وانعقاد مؤتمر أنفا 1943 بين السلطان محمد الخامس والرئيس الأمريكي روزفلت وتشرشل وصدور الميثاق الأطلنتي فسجلت هذه الاحداث زعزعة لهيمنة سلطات الحماية وتنقيصا من المكانة التي كانت تحتلها في السياسة المغربية وتوسعت قواعد الحركة الوطنية، وازداد الحماس الجماعي انداك تم رفع سقف المطالب من الاقتصار على الإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال وقد تزعم هذه المطالب قادة الحركة الوطنية وأحزاب سياسية جديدة تمثلت في:

تأسيس حزب الاستقلال المغربي
يعد أحد أهم الأحزاب السياسية في المغرب حيث ظهر في 1 يناير سنة 1944 على يد جماعة من الطلبة، حيث كانت مبادرتهم الاولى للدخول في الساحة السياسية تشكل كتلة العمل الوطني في أوائل الثلاثينيات، التي رفعت شعاراتهم ضد الاحتلال الفرنسي في المغرب، ولتحقيق السيادة الوطنية للشعب.
 أسباب تأسيس هذا الحزب تتمثل في ظروف داخلية وخارجية.
الظروف الداخلية: حدوث انشقاق في صفوف الكتلة بسبب اختلاف التكوين الثقافي والتوجه السياسي والانتماء الطبقي بين زعماء الكتلة، وبرز حزب جديد باسم "حزب الحركة القومية" بزعامة محمد حسن الوزاني، وواصلت الكتلة نضالها بزعامة علال الفاسي وأحمد بلافريج أمينا عاما، ثم فشل الاصلاحات التي طالبت بها الحركة الوطنية، وكذا حل كتلة العمل الوطني 18 مارس سنة 1937.
الظروف الخارجية: تأثرت الحركة الوطنية المغربية بالفكر الوطني في المشرق العربي والاقطار الآسيوية، نزول الحلفاء قبيل الحرب الى المغرب، وانعقاد قمة أنفا، ثم ظروف الحرب العالمية الثانية.

برنامج الحزب
تتمثل المبادئ الرئيسية لبرنامج الحزب فيما يلي:
الميدان السياسي: تأسس حزب الاستقلال بهدف تحرير البلاد من كل سيطرة أجنبية، حيث يرى زعماؤه، أنه من الضروري تعبئة كافة القوى الحكومية الشعبية، والسعي لتحرير البلاد من رواسب الاستعمار في الميادين العامة، بالإضافة الى تحقيق جلاء الجيوش الاجنبية عن كافة أجزاء الوطن، وتمتين الوحدة المغربية في جميع مظاهرها بالقضاء على النزعة العنصرية، أو النزاع بين الطبقات.
الميدان الاقتصادي: يتوقف الاستقلال السياسي على التحرير الاقتصادي من القيود الأجنبية لذلك سعى الحزب لتحقيق الأهداف الآتية:
  • وضع سياسة اقتصادية تقوم على أساس توزيع خيرات البلاد على المواطنين حسب حاجياتهم؛
  • تحرير مرافق الاقتصاد المغربي من كل سيطرة أجنبية؛
  • وضع خطة ترمي الى التنمية الاقتصادية لصالح المغرب؛
  • تطبيق مبدأ الاقتصاد الموجه؛
  • السعي لتأميم المصادر الكبرى للثروة الوطنية كالطاقة والمعادن.
الميدان الاجتماعي:
ضمان حق العمل للمواطنين في الدولة والمؤسسات الخاصة؛
ضمان الحق النقابي للعمال المغاربة؛
الميدان الثقافي: اهتم الحزب بالجوانب الثقافية والاجتماعية ولم يقف مجهودهم عند النشاط السياسي والاقتصادي فكان العون الأكبر لحركة التثقيف بالبلاد، وقد وضع الحزب نواة للتعليم الديني في الأقسام التكميلية التي أسسها بفاس والرباط والدار البيضاء.

تقديم وثيقة الاستقلال
في يوم 11 يناير 1944 رفع حزب الاستقلال عريضة المطالبة بالاستقلال لجلالة الملك، كما قدم نسخ منها لمقيم فرنسا العام وممثلي الدول الكبرى.
وقد كان الاندهاش عظيما في نفوس ولاة الحماية، ولكنهم لم يتقدموا لرد الفعل إلا بعد ان اطمأنوا على حياد جيوش الحلفاء المرابطة في البلاد.
أما جلالة الملك فقد استدعى يوم 13 يناير 1944 المجلس الوزاري للانعقاد في شكل مؤتمر يضم كثيرا من رؤساء البلاد والأعيان، خصوصا رؤساء المقاطعات وعلماء الدين وأهم القضاة الشرعيين والوطنيين وأبرز العائلة الملكية، وقد افتتح جلالته هذا الاجتماع مخبرا الحاضرين بالميثاق الذي رفعه لجلالته حزب الاستقلال، ومستوضحا رأي كل واحد في الموضوع، فأبدى الكل مصادقته على الميثاق، وأعلن استنكاره العظيم لسياسة الحماية، التي أثبتث فشلها وعجزها عن التوفيق بين رغبات الشعب ومصالح الدولتين.
خلال هذه المدة توالت الوفود الشعبية من كل نواحي المغرب، ترفع لجلالة الملك عرائض التأييد لطلب الاستقلال المرفوع من الحزب، وقد شاركت في هذا التأييد كل الطبقات الاجتماعية من أكبر قضاة الشرع الإسلامي إلى أبسط البوليس السري، الذي لم تمنعهم ظروفهم من الاشتراك في هذا التضامن الشعبي العام، وعمت البلاد نشوة الحديث عن الاستقلال واليوم الذي يحتفل فيه بإنجازه. وبهذا اتضح التعاون بين الملك محمد الخامس والحركة الوطنية وتأييده لمبادئها، وقام محمد الخامس 8 أبريل عام 1947 بزيارة طنجة وألقى خطابه الشهير الداعي إلى استقلال المغرب. وفي سنة 1950، زار محمد الخامس باريس وبعد عودته من هذه الرحلة رتب المقيم العام الفرنسي في عام 1951م، خطة لخلع السلطان بعد رفضه إعلان استنكاره لنشاط (حزب الاستقلال)، كما تقدمت الدول العربية والأسيوية بمشروع للأمم المتحدة تطالب فيه بعرض القضية المغربية على الهيئة الدولية، لكن استخدمت فرنسا نفوذها وعوقت القضية في المنظمة الدولية. وفي سنة 1952 قام العمال بمظاهرات في الدار البيضاء احتجاجا على اغتيال فرحات حشاد في تونس ولجأت القوات الفرنسية للعنف والشدة لقمع المظاهرات وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى مما دفع لموجة من السخط حتى في فرنسا نفسها.

نفي محمد بن يوسف (محمد الخامس)
ففي 13 غشت 1953، قدمت الإقامة إلى السلطان وثيقة من الحكومة الفرنسية عرفت في لغتهم يومئذ بـ"بروتوكول 13 غشت" تجرد السلطان من صلاحياته كسلطان، ومن حقوقه السياسية، وطلب منه تحت الضغط والتهديد أن يوقع عليها، يقول "الحسن الثاني" في هذا :"... وهكذا اضطر والدي إلى التوقيع على بروتوكول حقيقي، يقر السيادة المشتركة ظنا أنه بذلك سيحافظ على الوحدة المغربية حتى النهاية" ، ويضيف "الحسن الثاني" قائلا : "... وفي مساء اليوم نفسه أبلغنا الجنرال غيوم أن العلاقات بين الإقامة العامة والقصر قد قطعت، وكان معنى ذلك أن فرنسا لم تعد مكلفة بتأمين سلامة السلطان وعائلته، كما تقضي بذلك معاهدة فاس....".
وفي نفس السياق عقد العملاء اجتماعا يوم 14 غشت 1953م بمراكش ضم أعضاء المجلس الأعلى للحركة الكلاوية ومبعوث من الإقامة العامة "فالا" و "بونيفاس" رئيس ناحية الدار البيضاء و"دهوتفيل" رئيس ناحية مراكش وكان "فيمون" مبعوث الحكومة الفرنسية الذي جاء الى مراكش ليطلع على ما يجري في المغرب، حيث تقرر في هذا الاجتماع على خلع السلطان "محمد بن يوسف" ومبايعة صنيعة الاستعمار "محمد بن عرفة"، وبدأت المؤامرة بإعلان هذا الاخير إماما على المغرب بمعنى أنه يهتم فقط بأمور الدين لا بأمور السياسة، وبمجرد وصول خبر عزل السلطان خرجت الجماهير الشعبية في مراكش واصطدمت بالشرطة الفرنسية اصطداما عنيفا، حيث أمر الكلاوي أتباعه بالتنكيل بهم وتعذيبهم، وأصدرت سلطات الحماية بيانا قالت فيه: ".....ان المغرب يجب أن يصبح منذ الآن مملكة دستورية يكون فيها السلطان يملك ولا يحكم" فعمت المغرب موجة الاعتقالات على إثر المظاهرات المتوالية في مختلف المدن المغربية في الرباط، وسلا، ومكناس حيث تعرض قصر الكلاوي في مراكش لمحاولة الحراق، أما السلطان "محمد بن يوسف" فقد حوصر في قصره بالرباط.

ردود فعل الشعب المغربي إزاء نفي السلطان محمد بن يوسف
  كان أول رد فعل على نفي السلطان هو رد فعل الحركة الوطنية في القاهرة وجاء ذلك على شكل نداء قدمته إذاعة القاهرة، بعد ساعات قليلة من عزل السلطان سمي نداء القاهرة ألقاه علال الفاسي.
  كما تجدر الاشارة الى انه يمكن اعتبار نفي محمد بن يوسف بداية نهاية الحماية بالمغرب، وذلك أن الفرنسيين كانوا يستخفون بمحمد بن يوسف وبحزب الاستقلال، بل إن من الفرنسيين الاستعماريين من ظل يستخف بشعبيتهما حتى بعد اندلاع ثورة الملك والشعب وانطلاق العمل الفدائي. بقيام المغاربة بمحاولتي اغتيال ضد السلطان الصوري بن عرفة، واختيار المغاربة العمل المسلح كرد فعل على نفي سلطانهم رمز أمتهم.
لقد كان عزل السلطان بن يوسف الفتيلة التي أججت نار الغضب في نفوس المغاربة على الاستعمار، فآمنوا أن لا خطة إلا المقاومة فتأسست خلايا المقاومة الشعبية السرية، فغدت تقض مضاجع المعمرين الفرنسيين وأتباعهم من العملاء.

خـلاصـة

نخلص من هذا العمل أن المغرب عانى من نظام الحماية المفروض عليه منذ عام 1912، من خلال السياسة الاستعمارية التي اتبعتها فرنسا واسبانيا، غير أن المغاربة عبروا عن رفضهم للوضع القائم محاولين تغييره بدءا بإنشاء الحركة الوطنية والتدرج في المطالب، وصولا الى المطالبة بالاستقلال وهو ما تحقق سنة 1956م.
 إن الحركة الوطنية في المغرب أرغمت على مسايرة الوضع والخضوع له، نظرا لإختلال موازين القوى بين قدراتها وقدرات القوى الاستعمارية، فمرت هذه الحركة أثناء فترة الاحتلال بعدة مراحل حيث اختلفت كل مرحلة عن سابقتها بكثير من العوامل والتي أثرت بدورها على الشعب المغربي وفي طريقه لنيل الاستقلال، حيث كان نتيجة تاريخية مكثفة لكفاح طويل ضد الاستعمار في إطارالعمل الجماعي بين الشعب والملك وحزب الاستقلال ضد الاستعمار.


لائحة المراجع والمصادر
  • علال الفاسي: الحركات الاستقلالية في المغرب العربي
  • مجلة الشرق الأوسط :سعيد بنسعيد العلوي 9 مايو 2014 العدد 12946؛
  • أبو بكر القادري، مذكراتي في الحركة الوطنية المغربية الجزء الأول؛
  • بحث حول الحركة الوطنية المغربية نشأتها وتطورها للطالبتين فضيلة عوماوي ومسعودة عيشاوي بجمهورية الجزائر.
تعليقات