أخر الاخبار

الفتنة الكبرى زمن الخلافة الإسلامية

تقديم عام

كانت فكرة الأمة الواحدة والدولة الواحدة التي تسودها أحكام الشريعة والرغبة القوية في تبليغ رسالة الإسلام خارج حدودها، قد تمكنت من النخبة المسلمة عندما واجهت الحادثة الأليمة المتمثلة في وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (11 ه/ 632 م) وقد عبر أنس بن مالك عن أثر الحادث في النفوس: " لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء... وما نفضنا عن رسول الله الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا ''ورغم الذهول الذي أصاب النخبة وعامة المسلمين فإن أهمية إقامة السلطة في الإسلام جعلتهم يتحركون في اتجاه اختيار الحاكم قبل الانتهاء من تشييع الجسد الشريف إلى مثواه. فلاختيار خليفة الرسول (ص) مجموعة من الضوابط الشرعية والتي تنحصر في قرشيته، مكانته في الإسلام وخدمته للدعوة والدولة، وكذا منزلته لدى النبي (ص). بعد نقاش طويل بين الأنصار والمهاجرين بويع أبو بكر الصديق ليكون بهذا أول الخلفاء الراشدين وقد عرف عهده فتوحات كبيرة مما ساهم في توسع رقعة الدولة الإسلامية، إضافة إلى استئصاله الردة... مرض أبو بكر الصديق ورأى مصلحة المسلمين في أن ينتخب خليفتهم قبل موته وذلك ما يعبر عنه بولاية العهد لذلك استشار أبي بكر رضي الله عنه كبار الصحابة، وكلهم أجمعوا على تولية عمر بن الخطاب خليفة له. وهكذا بدأت خلافته في السنة 13 للهجرة. وقد زادت مساحة الدولة الإسلامية في عهده على حساب الدولة البيزنطية والدولة الفارسية. توفي عمر بن الخطاب سنة 23 ه. فعلى يد من قتل الخليفة عمر بن الخطاب؟ وكيف انتخب عثمان بن عفان؟ كيف بدأت أحدات الفتنة الكبرى؟


مقتل عمر بن الخطاب وتولية عثمان بن عفان الخلافة

وجد المسلمون أنفسهم بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه 23 ه على يد (فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة)، أمام مهمة اختيار خليفة يدير شؤونهم، وتشير بعض الروايات التاريخية إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعمد إلى بلورة وجهة نظر جديدة تجاه مسألة الحكم. وهي العمل بفكرة الشورى، وقد أناط الخليفة بستة من كبار الصحابة مهمة التشاور لاختيار الخليفة من بينه وهم: عثمان بن عفان، علي بن ابي طالب، طلحة بن عبيد الله، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام. وهؤلاء من أبرز زعماء قريش المهاجرة ومن العشرة المبشرين بالجنة.

أجمع مجلس الشورى بعد مشاورة أهل الرأي والمشورة في المدينة، ووقع الاختيار على عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 24 للهجرة. وقد واصل هذا الأخير بعد مبايعته عمليات الفتح، حيث ظلت الأمصار العسكرية في الكوفة والبصرة تمارس مهامها باعتبارها مراكز انطلاق الجيوش شرقا. وتنظيم غارات جديدة بهدف التغلغل في العمق الفارسي وفتح مناطق أخرى. وحرص الخليفة عثمان على الحفاظ على البنى الاجتماعية والمالية المنبثقة من الفتوحات. وقد شهد المجتمع الإسلامي تدفقا للثروات على بيت المال ترك أثره على مختلف مناحي الحياة. وقد استمر حكم الخليفة عثمان بن عفان مدة 12 سنة. عرفت فيها الأعوام الستة الأولى استقرارا، مقابل نشوب صراعات وأحداث الفتنة الكبرى في الأعوام الستة الأخيرة.

  • فماهي أسباب اندلاع هذه الفتنة؟

أسباب اندلاع الفتنة وقتل الخليفة عثمان بن عفان

يقصد بالفتنة الكبرى تلك الفتنة التي أخبر بها رسول الله (ص) حذيفة بن اليمان وقد ذكر أن لتلك الفتنة بابا وبابها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما سمع ابن الخطاب أنه باب تلك الفتنة سأله هل سيفتح ذلك الباب أم سيكسر؟ فأجابه الحذيفة أن ذلك الباب سيكسر. ومعنى ذلك أن الفتنة ستبدأ بمقتله وهي الفاتحة لوقوع الشر بين المسلمين، فإذا ما بدأت لا يغلق بابها حتى يوم القيامة. وفعلا نشبت في الأعوام الستة الاخيرة من خلافة عثمان رضي الله عنه. وللفتنة أسباب كثيرة، نشأت عن عوامل متعددة ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أسباب أخذ بها الناس على عثمان وطريقة حكمه:

  • من بين القضايا التي أثارها المعارضون لعثمان قضية تدوين المصاحف واعتماد النسخة المدونة، وإحراق ما دونها من النسخ؛
  • أنه حمى الحمى (أي حجز أرضا ومنع الناس من الرعي فيها). وكان جوابه على ذلك أنه حمى تلك الأرض لإبل الصدقة وفعل ذلك قبله عمر رضي الله عنه، ولما زادت إبل الصدقة زاد في الحمى؛
  • أنه أعطى مروان بن الحكم مئة ألف، وفي رواية لم تصح أعطاه خمس أفريقيا. والذي صح هو إعطاؤه خمس الخمس لعبد الله بن أبي سرح جراء جهاده في فتح افريقيا، ولما اعترض الناس لذلك بواسطة وفد أرسلوه له أمره الخليفة برد ذلك فرده.
  • رد الحكم بن أبي العاص بعد أن نفاه رسول الله (ص)، واتخذ من ابنه مروان مستشارا، وأعطى لأقربائه مناصبا. وذلك ما كان يخشاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فحذره إن ولي الأمر من تحكيم اقربائه في رقاب الناس.
  • أنه قدم الخطبة في العيد على الصلاة، وسمح للناس بإخراج زكاتهم بأنفسهم.
  • ومن المسائل التي أثيرت ضد عثمان رضي الله عنه عدم شهوده بدرا، وعدم ثباته يوم أحد، وغيابه في بيعة الرضوان. وقد بين ذلك ابن عمر للناس ووضح لهم فقال: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له (وكان معظم الصحابة قد انفضوا عن الرسول (ص) في ذلك اليوم، ولم يثبت معه سوى عدد قليل). وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحت ذلك بنت الرسول (ص) رقية التي كانت مريضة فقال له الرسول (ص): أن لذلك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه.
  • وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلأن النبي (ص) أرسله من الحديبية إلى مكة رسولا، ووقعت البيعة بسبب حجز قريش له وضرب النبي بيده وقال: (هذه لعثمان).
  • أنه امتنع عن قتل عبيد الله بن عمر الخطاب، وكان عبيد لله قد رأى الخنجر الذي قتل به والده قبل الحادثة المفجعة مع الهرمزان وهو في وضع مريب مع القاتل (أبي لؤلؤة)، فأدرك أن في الأمر مؤامرة فقتله. وقد اختلف الصحابة في الوضع الشرعي لهذه الحادثة وما يجب على عثمان فعله.
  • أنه اتبع طريقة جديدة في معاقبة الناس بحيث نفى أشخاصا من الكوفة والبصرة إلى الشام، فأخذ أولئك أينما حلوا يحرضون الناس عليه.

القسم الثاني: الأسباب التي فرضتها ظروف الدولة وطبيعة التحول الاجتماعي في ذلك العصر:

لقد كان العرب قبل الإسلام قبائل متفرقة، يدير كل قبيلة رئيس وفق تقاليد عشائرية متفرقة مواردهم محدودة. مصدرها ما تدره الماشية وما يسلبه بعضهم من بعض في غزواتهم وعدوانهم فيما بينهم. فلما جاء الإسلام انتقل العرب من حال إلى حال، جاء بعقيدة ونظام يتناول جميع أمور الحياة وقد كان النبي (ص) وبعدها أبوبكر وعمر رضي الله عنهما كلما واجه أحدهم وضعا جديدا اجتهد فيه وأحسن الاجتهاد.

أما في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد وجدت حالات أخرى، وقد اضطر رضي الله عنه إلى تجنيد الأعراب وهم الذين قال الله عز وجل فيهم: (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأدرى ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم)، وقال أيضا (قالت الأعراب آمنا، قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإسلام في قلوبكم). هؤلاء هم الأعراب لم يدخل الإيمان في قلوبهم ذهبوا إلى القتال ومعظمهم يبغي عرض الحياة الدنيا. فشكلوا بعد فترة طبقة خاصة يمكن تسميتها بلغة العصر (الرعاع)، وعندما يكون بيد الرعاع السلاح يسهل على المستغلين توجيههم في طريق الفتنة. في أواخر عهد عثمان توقفت الفتوحات وبتوقف الجيش انقطعت الغنائم، وتم الخوض في سياسة الدولة والحديث عن تصرفات عثمان وكيف أن الأراضي التي قاموا بفتحها والتي يعتبرونها حقا من حقوقهم تذهب إلى بيت المال.

القسم الثالث: نشاط الفئات السرية المعادية:

في كتب التاريخ روايات متعددة عن نشاط سري لأفراد وجماعات أظهروا الإسلام، وأخفوا ديانتهم القديمة، بغية العمل في صفوف المسلمين على تحطيم الدولة الإسلامية وإفساد المجتمع الإسلامي، ببث العقائد الفاسدة ونشر الفتنة بدوافع دينية وعرقية بعدما عجزت تلك القوى عن مهاجمة المسلمين في العلن. ومن أشهر هذه الفئات عبد الله بن سبأ، الملقب بابن السوداء وهو يهودي من صنعاء أظهر إسلامه في زمن عثمان بن عفان. اشتهر أكثر من غيره لأنه أسلم متأخرا وبدأ نشاطه مباشرة في العراق والشام ومصر، وظهر مع الثوار يرسم خططا ويدلي بآراء هدامة تضرب المسلمين في صميم معتقداتهم. وذلك ببث الإشاعات وإرسال الرسائل المزورة عن لسان علي، عائشة، طلحة والزبير رضي الله عنهم إلى الأمصار. هذا إضافة إلى حملهم السلاح وتنظيمهم لحوادث اغتيال.

مقتل الخليفة عثمان بن عفان:

كان من نتيجة الأسباب التي تم ذكرها سابقا، أن خرج من أهل مصر ما بين 600 إلى 1000 شخص متجهين إلى المدينة ولم يجرؤا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب، وإنما خرجوا كالحجاج ومعهم ابن السوداء. وخرج من أهل الكوفة عدد كعدد أهل مصر، ومثلهم من أهل البصرة. لما وصل الخبر إلى أهل المدينة استعدوا لقتالهم.

فاتصل أهل البصرة بطلحة، وأهل مصر بعلي، وأهل الكوفة بالزبير فلاقوا رفضا وردا واحدا منهم. لهذا تظاهروا بالعودة ورجعوا إلى عساكرهم فتفرق أهل المدينة، ففاجؤوهوم واحتلوها وحاصروا عثمان رضي الله عنه في داره (واقعة الدار). وقد اختلف في مدة الحصار فقيل أكثر من عشرين يوما، وقيل أكثر من شهر، وهناك من يقول أربعون يوما. وكان الخليفة رضي الله عنه خلال هذه المدة يصلي بالناس بمن فيهم الثوار أنفسهم، ولكن لما علموا بقرب وصول جيش معاوية لنجدته منعوه الخروج والماء والطعام. ومطالبته بخلع نفسه وبعرضهم هذا تحقق ما قاله صلى الله عليه وسلم وحان وقت العمل بوصيته له، لذا رفض عثمان عزل نفسه. استمر الحصار إلى صبيحة يوم الجمعة الموافق ل 12 من ذي الحجة من السنة 35 للهجرة، وقد حاول الصحابة في هذه المدة بأكملها حماية الخليفة والدفاع عنه من اعتداء المحاصرين لكنه كان يرفض ويأمرهم بالخروج من الدار، فلم يبق فيها بعد خروج الصحابة إلا عثمان رضي الله عنه وأهله والمحاصرين. في ذلك اليوم فتح الخليفة باب الدار وحمل المصحف بين يديه وأخذ يقرأ منه، وكان أنداك صائما. فإذا برجل من المحاصرين يدخل عليه فلما رآه عثمان رضي الله عنه قال له: (بيني وبينك كتاب الله)، فخرج الرجل وتركه، ثم دخل رجل آخر عليه فخنقه ثم ضربه بالسيف فقطع يده وضربه إلى صدره، فقتل رضي الله عنه والمصحف بيديه سنة 35 للهجرة. ثم جاءت زوجته نائلة قائلة: (أن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل بركعتين يمع فيها القرآن). فرفع قاتل عثمان يد زوجته وقطعها.

بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة

أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مروا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي (ص) وبعد وفاة الصديق رضي الله عنه. لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثل في استخدام العنف لتغيير السلطة ونجم عن ذلك مقتل الخليفة، وبقاء المنصب شاغرا.

سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملء الفراغ في السلطة. فقد كان أهل مصر يطلبون عليا فيختبئ منهم ويلوذ بحيطان المدينة، فإذا لقوه باعدهم وتبرأ منهم. ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه، ويطلب أهل البصرة طلحة فيرفض هو الآخر، ثم بعثوا إلى سعد بن أبي وقاص لاعتباره واحدا من أهل الشورى وإلى ابن عمر فرفضوا أيضا. بعد مرور خمسة أيام على مقتل عثمان رضي الله عنه جمع الثوار أهل المدينة وهددوهم بأنهم إذا لم يختاروا خليفة لهم فسوف يقتلون عليا وطلحة والزبير وأناسا كثيرة. فوقع الاختيار على علي الذي استجاب لطلب الناس كرها لينهي مرحلة مضطربة بسبب الفراغ في السلطة، وقد اشترط عليا ألا تكون بيعته سرا (فأخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني بايعني)، وفعلا خرج إلى المسجد وبايعه الناس. بين كل من طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام أنهما بايعا مكرهين تحت تهديد من قتلة عثمان رضي الله عنه. وبايع أهل الكوفة عليا بينما أهل البصرة فمنهم من بايعه ومنهم من رفض حتى يقتل قتلة عثمان. كما امتنع عبد الله ابن عمر، أسامة بن زيد، سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن أبي سرح عن مبايعة أحد. أما في الشام فلم يبايع واليها معاوية بن أبي سفيان مطالبا القصاص من القتلة.

موقعتي الجمل وصفين وقضية التحكيم

تعتبر فتنة مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه من أخطر الأحداث التي مرت بها الدولة الإسلامية في عصر الخلافة الراشدة. إذ تركت من الاختلاف والانقسام في صفوف الأمة ما كاد يؤدي بها، وقد أعقبتها فتن داخلية تتصل بها وتتفرع عنها من بينها:

موقعة الجمل

لقد كانت أخطر قضية تواجه الخليفة الجديد هي مقاضاة قتلة عثمان وتنفيذ القصاص فيهم. وكان طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم قادة المطالبين بإنفاذ القصاص بقتلة عثمان مشترطين ذلك للدخول في طاعة علي. وقد كانوا يرون أنه تخلى عن القصاص ولم يعذروه في سياسته التي تميل إلى إماتة الفتنة وتخطيها حتى يستتب الأمن ويدخل في بيعته الناس جميعا. لما مضت أربعة أشهر على بيعته دون تنفيذه للقصاص خرج طلحة والزبير وعائشة إلى مكة، ومنها جمعوا مؤيديهم الذين بلغ عددهم 700 رجل تقريبا وانطلقوا إلى البصرة مستهدفين القبض على القتلة وتنفيذ القصاص فيهم. أدرك الخليفة علي خطورة الموقف فاستنفر أهل المدينة للخروج معه، وقد حاول كبار الصحابة منهم سعد بن أبي وقاص، أسامة بن زيد... إقناعه بعدم الذهاب إلى العراق ما حاول ابنه الحسن ثنيه عن الذهاب لاعتباره ما يقع أحداث فتنة ولا ينبغي الخوض فيها، لكن الخليفة رفض وأصر على الذهاب. لما بلغ عليا الربدة بعث إلى أهل الكوفة يطلب منهم معاونته على المخالفين فلما وصلت الرسل إلى الكوفة توجه الناس إلى أميرهم أبي موسى الأشعري يستشيرونه في الأمر، فقام فيهم خطيبا وبين لهم أن ما يحدث فتنة وحذرهم من المشاركة فيها. ثم جاءهم الحسن بن علي مرة أخرى وطلب منهم إجابة دعوة والده فاستجابوا له فالتحق ما بين ستة إلى سبعة آلاف رجل بجيش علي، كما التحق به ألفان من أهل البصرة وقبائل أخرى حتى بلغ جيشه حوالي اثنا عشر ألف رجل منهم. وقد اختار على القعقاع بن عمرو للسفارة بينه وبين أهل البصرة لعقد الصلح وتجنب القتال في محاولة لإيجاد حل سلمي للموقف، وبالفعل اتفق الطرفان على الصلح واعتزموا الرحيل في اليوم الموالي. لكن تدخل مثيرو الفتنة ومعهم ابن السوداء وقال بعضهم لبعض: (إن اجتمع الناس غذا واصطلحوا فليس الصلح إلا علينا)، وقال ابن السوداء: (إن عزكم في خلطة الناس وإذا التقى الجمعان إذا فانشبوا القتال). وبالفعل عند اللقاء حدث الالتحام بين الجيشين وبدأت معركة الجمل في البصرة سنة 36 ه وسميت بالجمل نسبة للجمل الذي كانت عليه السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد استمر القتال لساعات، ولما رأى الخليفة علي كثرة القتلى حول الجمل أمر بعقر الجمل لينتهي بذلك القتال. وقد خلفت هذه الواقعة عددا كبيرا من القتلى من بينهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله.

بعد انتهاء الموقعة بانهزام أهل البصرة أخذ الخليفة علي رضي الله عنه بيعتهم وأمر بدفن جميع القتلى، وبعد ذلك زار عائشة رضي الله عنها في البيت الذي نزلت فيه فسلم عليها وقعد عنها، ثم أمر بأن تجهز إلى المدينة خير جهاز ولما جاء يوم رحيلها ودعها بنفسه وقد بينت أنه ليس بينها وبين علي عداوة. وخرجت رضي الله عنها من البصرة يوم السبت 36 هـ.

موقعة صفين وقضية التحكيم

لم يمكث علي بعد موقعة الجمل بالبصرة طويلا، فما إن أعطى أهلها بيعتهم واستقام له الأمر فيها. حتى اتجه بجيشه نحو الكوفة حيث يلقى تأييدا قويا من أهلها في مواجهة معاوية بن أبي سفيان بالشام الذي يصر على معاقبة قتلة عثمان قبل تقديم البيعة لعلي. جهز علي رضي الله عنه جيشا كبيرا ما بين خمسين ألفا ومئة وخمسين ألف، في حين قدرت جيوش معاوية بستين أو سبعين ألفا، تجمع جيش علي بالنخيلة غرب الكوفة ثم عبر الفرات قرب الرقة حيث نزل على صفين. كان الجيش الشامي قد عسكر في صفين واستولى على المياه ومنع جيش العراق منها. استمر القتال على شكل كتائب محدودة طيلة الشهر والأسبوع الأول من محرم 37 ه دون أن يلتحم الجيشان، وكان الأمل في الصلح يحدو الجميع. لكن ابتدأت الحرب من غير أن يقف الجمعين وجها لوجه، بل كان يخرج قائد من هنا وقائد هناك حتى إذا مضت سبعة أيام. وفي يوم الخميس 7 صفر استمر القتال شديدا من الصباح حتى الليل ويسمون هذه الليلة ب ''ليلة الهرير" وفي هذه الليلة قتل عمار بن ياسر، وقد طحنت المعركة ألوفا من الجانبين. وعندما كان جيش الإمام على وشك الانتصار. تفتق ذهن عمرو بن العاص عن فكرة التحكيم التي أنقذت الجيش الشامي من الهزيمة، لهذا أمر معاوية جيوشه برفع المصاحف على رؤوس الرماح ودعوة العراقيين إلى كتاب الله (ليحكم بيننا وبينكم). ولم تكن هذه إلا حيلة من جيش معاوية والتي فطن بها الإمام علي بها، وأمر جيشه بالاستمرار في القتال قائلا: (يا عباد الله امضوا على حقكم وصدقكم فإن معاوية وعمرو بن العاص ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن أنا أعرف بهم منكم)، ويحكم أنهم ما رفعوها إلا مكيدة وخديعة ودهاء. لكن بتدخل القراء ومن بينهم مسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين فقالوا لعلي رضي الله عنه: (أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه وإلا ندفعك إلى القوم). لذا وافق الخليفة على وقف المعركة والقبول بالتحكيم تحت التهديد بالقتل وخوفا على معسكرة من التفرق والاقتتال.

اتفق كل الفريقين (جيش الخليفة علي ومعاوية) على قضية التحكيم، فاختار أهل الشام عمرو بن العاص، بينما اختار أهل العراق أبي موسى الأشعري، وقد كان علي رضي الله عنه معارضا لاختيارهم هذا لكنه أقبل به مكرها. وقد اجتمع الحكمان بدومة الجندل واستعرضت الروايات نصوص عقد التحكيم الذي تضمن تعهد علي ومن معه من شيعته من أهل العراق، ومعاوية ومن معه من أهل الشام، وعلى أن يحكما بما في كتاب الله، فما لم يجداه فبالسنة الجامعة العادلة غير المفرقة، و أن يصلحا بين الأمة ولا يرداها إلى الحرب و التفرقة... و اتفقا على تأجيل القضية إلى رمضان من العام المقبل أو إلى أي موعد يتفقان عليه، ودعا نص العقد أيضا الطرفين إلى وضع السلاح خلال هذه الفترة، و اتفقا أن يكون مكان الاجتماع مكان عدل بين الكوفة و الشام و الحجاز.

مولد حركة الخوارج ومعركة النهروان

كان عدد القراء الذين اعترضوا على التحكيم في صفين أربعة آلاف، فهم أقلية في جيش علي الذي كان يزيد على خمسين ألف مقاتل قبل اشتباك الجيشين. وقد ضرب عروة بن حدير التميمي (وهو عروة بن أدية) عجز دابة الأشعث بن قيس بالسيف عندما كان الأشعث يقرأ وثيقة الهدنة التي تم وقف القتال بموجبها، وقد اعتذر بنو تميم للأشعث وقومه اليمانية عن فعل عروة، وكان عروة يقول: (أتحكمون في أمر الله الرجال، لا حكم إلا لله). وهذه المقولة صارت شعار الحركة الخارجية ولذلك سموا بالخوارج لخروجهم على الخليفة الشرعي علي رضي الله عنه، كما سموا بالحرورية نسبة الى قرية حروراء قرب الكوفة حيث انشقوا عن جيش علي العائد الى الكوفة.

ويبدو أنهم واصلوا نشاطهم الدعوي في جيش علي بعد حادثة التحكيم حيث بلغ عددهم حين إعلان الانشقاق ثمانية آلاف ثم بضعة عشر ألفا. بل أوصلتهم بعض الروايات الى أربعة وعشرين ألفا. ويبدو أن الرقم الأخير متأخر عن مرحلة الانشقاق، ويدل على سريان الدعوة الخارجية وحيازتها لأعداد جديدة ... كما نظموا أنفسهم بزعامة عبد الله بن الكراء وشبث بن ربعي، وعينوا أميرا للصلاة وآخر للقتال. وهذا التطور الأخير جعل ابن عباس يستأذن عليا في محاورتهم في إحدى اجتماعاتهم الضخمة في حروراء، وقد وصلهم في نصف النهار ووصفهم بقوله : "دخلت على قوم لم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم، أيديهم كأنها ثفن الابل ووجوههم معلمة من آثار السجود"، فرحبوا به، ثم حاججهم في الشبهات التي علقت بأذهانهم نتيجة تفسيرهم للقرآن دون بصيرة موضحا لهم أن التحكيم نص عليه القرآن وأن محو لقب أمير المؤمنين من نص وثيقة الهدنة له سابقة من السنة في حادثة الحديبية، وأن قتال علي لمخالفيه دون أن يستحل أموالهم وأعراضهم هو الحكم الشرعي الصحيح، فرجع منهم ألفان بعد أن تبين لهم الحق. وأبرز من رجع زعيمان منهم هما عبد الله بن الكراء وشبث بن ربعي. ولم يكن فيهم أحد من الصحابة رضوان الله عليهم.

وأعقب هذا الحوار خروج علي بنفسه الى حروراء، ومحاورته الخوارج، حيث فهموا خطأ أنه يعلن توبته ويعود عن التحكيم، وهكذا وقعوا مرة أخرى في سوء الفهم فرجعوا الى الكوفة على ظنهم الخاطئ فأقاموا يومين، فلما اتضح لهم في خطبة علي يوم الجمعة أنه لم يرجع على التحكيم خرجوا من المسجد وعلي يعلن آسفا موقفه منهم: (لا نمنعكم صلاة في هذا المسجد، ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا). لكنهم لم يقبلوا منه، وأخذوا يصيحون في أنحاء المسجد، (لا حكم إلا لله). وحاول زعماءهم أن يثنوا عليا عن إرسال أبي موسى الأشعري الى التحكيم، وأن يقودهم لقتال أهل الشام، فأبى عليهم نقض العهد مع الشاميين: (فارقنا القوم فلا يجوز نقضه). وقد جرت محاورات أخرى من قبل الصحابة والتابعين مع الخوارج مما أدى الى تقليص أعدادهم الى أربعة آلاف فقط. إلا أنهم اجتمعوا في دار عبد الله بن وهب الراسبي، وأرادوا مبايعة أحد زعمائهم أميرا، فلم يقبلها أحد منهم، ثم قبلها عبد الله بن وهب الراسبي قائلا: والله لا آخذها رغبة في الدنيا، ولا أتركها جزعا من الموت، وبذلك نكثوا بيعتهم لعلي، وذلك في العاشر من شوال سنة 37هـ، ونقضوا مبدأ الخلافة في قريش، فصار من مقولاتهم جواز خلافة غير القرشي. وقد خرج عبد الله بن وهب الراسبي الأزدي بأتباعه الى النهروان خفية، لئلا يصدهم أحد واجتمعوا هناك، ورغم هذا التحدي فلم يقرر علي رضي الله عنه محاربتهم وإعادتهم إلى الطاعة بالقوة، بل اكتفى بتوضيح خطئهم وتفنيد آرائهم.

ولما فشل الحكمان وافترقا دون اتفاق لم يرجع الخوارج إلى صف علي، رغم أنه أعد جيشه لمواجهة أهل الشام وعسكر بالنخيلة قرب الكوفة، وقدرت روايات ضعيفة عدد هذا الجيش بثمانية وستين ألفا ومائتي رجل، وفي هذه الفترة قتل الخوارج عبد الله بن خباب بن الأرت ومعه أم ولده، كما قتلوا آخرين، فقد صاروا يكفرون من خالفهم ويستبيحون دمه وماله فسار إليهم رضي الله عنه بجيشه في محرم عام 38هـ، وعسكر على الضفة الغربية لنهر النهروان، والخوارج شرقيه، وقد التحق بهم خوارج البصرة وهم ثلاثمائة أو خمسمائة رجل عليهم مسعر بن فدکی التميمي.

ونظرا لأن مناطق نشاط الخوارج التي تعرضت لضياع الأمن وقطع الطرق ضمن مسؤولية علي رضي الله عنه، فقد طلب من الخوارج تسليم القتلة لإقامة الحد عليهم، فأجابوه: كلنا قتلناه. وبذلك استحل علي قتالهم، وبين لجنده أجر مقاتلتهم، معتمدا على حديث: ''يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية''. ثم قال معقبا: ''لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل''، ثم ذكر لهم العلامات التي تنطبق على الخوارج مثل (وجود المخدج فيهم له عضد وليس له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعيرات بيض. فتذهبون الى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريکم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله).

وقد أرسل علي إليهم الرسل يدعونهم، فقتلوا رسوله، وعبروا إليه النهر، فأمر بقتالهم واشتبك الجيشان في معركة خاطفة وغير متكافئة، انتهت بالإجهاز على الخوارج رغم ما أبدوه من جد وشجاعة. فقد أفناهم جيش علي الكبير دون أن يصيبوا منه إلا بضعة عشر رجلا. ولم يعش من جيش الخوارج إلا الجرحى ومن فر وهم عدد يسير. واهتم علي بالتفتيش عن المخدج ذي الثدية حتى وقف عليه، فكان شاهدا على صحة موقف علي، و آية على ضلال الخوارج.

مقتل علي بن أبي طالب

تركت وقعة النهروان جراحا أليمة في الكوفة العلوية والبصرة العثمانية معا، حيث ينتمي معظم الخوارج إلى قبائل المدينتين، وقد نعى البعض على علي رضي الله عنه دماء أهل النهر، ووقعت بينهم وبين علي معارك صغيرة. وتعدى الوهن أقارب الخوارج إلى جملة الجيش الذي يحمل ذكريات صفين الأليمة وقد تجددت الذكريات في حرب الخوارج بالنهروان. فلم يجد علي فيهم النشاط لقتال معاوية، بينما استفاد معاوية من هذه الظروف التي أحاطت بخصمه، فمد نفوذه إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص وبالتعاون مع العثمانية فيها مما أضاف إليه قوة بشرية واقتصادية، كما راسل وجوه القادة في العراق محاولا استمالتهم.

وأمام الوهن والشقاق وضعف الطاعة في جيش على لم يتمكن من القيام بأية حملة ضد القوات الشامية، وتبين خطبه الأخيرة مدى معاناته من الملل والألم إذ كان يقول: ''اللهم إني قد سئمتهم وسئموني، ومللتهم وملوني فأرحني منهم وأرحهم مني، فما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم. ووضع يده على لحيته. فكانت هذه الإشارة بأن ثمة من يسعى لقتله. حيث اجتمع ثلاثة من الخوارج وهم عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمي فتذاكروا أمر الناس وعابوا ولاتهم ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم وقالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثارنا بهم إخواننا فقال ابن ملجم أنا أكفيكم علي بن أبي طالب، وقال البرك أنا أكفيکم معاوية وقال عمرو بن بكر وأنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا وتواثقوا بالله لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه فأخذوا أسيافهم فسموها واتعدوا لسبع عشرة تخلو من رمضان سنة 40هـ أن يثب كل على صاحبه الذي توجه إليه وأقبل كل رجل منهم على المصر الذي فيه صاحبه: فأمل ابن ملجم المرادي وكان عداده في كندة فخرج حتى أتى الكوفة ولم يخبر من بها من إخوانه شيئا كراهة أن يظهر. ولما كانت ليلة الجمعة 15 رمضان سنة 40ه‍ـ ترصدوا له حتى خرج يريد صلاة الصبح فضربه ابن ملجم في قرنه بالسيف وهو ينادي الحكم لله لا لك ولا لأصحابك ففزع الذين كانوا بالمسجد للصلاة وعلي يقول لا يفوتنكم الرجل فشد عليه الناس من كل جانب وأخذوه ودخل الناس على علي فقالوا له إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن فقال ما آمركم أنتم أبصر ثم أوصى أولاده وفي يوم الأحد 17 رمضان توفي بعد أن مضى على خلافته أربع سنين وتسعة أشهر إلا أياما قضاها في هذا العناء وشدة الجهد ودفن بالكوفة التي كانت حاضرة خلافته. وبعد اغتيال الخوارج له، تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية، لينهي مرحلة الصراع وعودة الأمة إلى الجماعة.

خاتمة

تمثل الفتنة الكبرى مرحلة فارقة ومهمة في التاريخ الإسلامي ذلك لما خلفته من تداعيات وتأثيرات سلبية، وقد بدأت "الفتنة الكبرى" في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان حتى كادت أن تعصف بالدولة الإسلامية، إذ لعبت دورا كبيرا في تحويل مسار التاريخ الإسلامي، فقد أدى انتشار الاضطرابات والنزاعات إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان، ثم تبعه حدوث نزاعات وحروب طوال خلافة علي بن أبى طالب، حيث واجه المسلمون إثر مقتل عثمان بن عفان رضي الله مشكلتين والتي تعتبر من أخطر المشكلات التي واجهتهم منذ خلافة أبي بكر، إحداهما تتصل بالخلافة نفسها، والأخرى تتصل بإقرار النظام وإنفاذ أمر الله فيمن قتل نفسا أو نشر فسادا في الأرض.

وعلى إثر ذلك، توقفت الفتوحات وانشغل المسلمون بقتال بعضهم البعض، كما بدأ النزاع المذهبي بين المسلمين في الظهور، فبرزت الطوائف المختلفة؛ كظهور الخوارج لأول مرة بوصفها جماعة تطالب بالإصلاح وردع الحاكم الجائر والخروج عليه، كما برزت جماعة السبئية المتطرفة التي اتفقت على تقديم أهل البيت على جميع الناس وغالت في حبهم، وظهور الشيعة، كما كان من أكبر آثار هذه الفتنة مقتل عددٍ مهول من الصحابة، وانتهاء عصر دولة الخلافة الراشدة والخلافة الشوريَّة، وقيام الدولة الأموية وبروز الخلافة الوراثية.

لائحة المراجع

  • الدولة الأموية، محمد بك الخضري، مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الأولى 2012؛
  • الفتنة ووقعة الجمل، سيف بن عمر الضبي الأسدي، دار النفائس، الطبعة الخامسة 1984؛
  • عصر الخلافة الراشدة، د. أكرم ضياء العمري، مكتبة العبيكة؛
  • فتنة مقتل عثمان بن عفان، تأليف د. محمد بن عبد الله الغبان، مكتبة العبيكة، الطبعة الأولى 1999؛
  • الفتنة والانقسام، د. عبد الإله بلقزير، الطبعة الأولى 2012؛
  • المؤرخون العرب والفتنة الكبرى، د. عدنان محمد ملحم، دار الطليعة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2001؛

تعليقات