آخر الأخـبــار

التهيئة الحضرية والريفية، أزمة المدينة والريف وأشكال التدخل أولى باك علوم

مقدمة

يعاني التراب الوطني، بمدنه وأريافه، من أزمات خانقة تمس جميع الميادين سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية، ما يفرض تدخلات فورية. فما مظاهر أزمة المدينة والريف؟ وما عواملها؟ وما أشكال التدخل لحلها؟

أولًا: أزمة المدينة المغربية، مظاهرها وعواملها وأشكال التدخل لمعالجتها

تتعدد مظاهر أزمة المدينة بالمغرب وعواملها

مظاهر أزمة المدن

  • تتجلى أزمة المدينة بالمغرب في مستويات متعددة:
  • اقتصاديًا: افتقاد المدينة للمؤسسات الكبرى التي من شأنها تحريك الاقتصاد، وارتفاع حجم الأنشطة غير المهيكلة، وحدة المضاربة العقارية، إلى جانب ضعف مردود الاقتصاد الحضري والدخل الفردي.
  • اجتماعيًا: تفشي الفقر والبطالة والجريمة، واتساع دائرة الإقصاء الاجتماعي (الأمية، التسول التشرد)، ضعف التغطية الصحية، ومعدل التأطير الطبي.
  • تجهيزيًا: ضعف البنية التحتية والخدمات الضرورية مثل الطرق، الماء، الكهرباء، والإنارة العمومية، ونقص في المرافق الأساسية سواء التعليمية أو الاستشفائية أو الترفيهية.
  • بيئيًا: تراجع المساحات الخضراء مقابل انتشار التلوث بجميع أنواعه وغياب التناسق الجمالي.

عوامل أزمة المدن

تُفسَّر أزمة المدن المغربية بتضافر مجموعة من العوامل، أولها الضغط السكاني الناتج عن ارتفاع الهجرة القروية ومعدل التكاثر الطبيعي، وثانيها ضعف النمو الاقتصادي بفعل قلة فرص الاستثمار، وآخرها المشاكل المرتبطة بسوء تنظيم مجال التعمير والتدبير.

أشكال التدخل لمعالجة أزمة المدينة بالمغرب

التدخلات القطاعية: اعتماد تدخلات اقتصادية في مقدمتها تشجيع الاستثمارات الخاصة، والمقاولات، والتعاونيات، واجتماعية مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتجهيزية متمثلة في فتح أوراش عمومية جديدة وتفويت بعض الخدمات العمومية (التدبير المفوض) وخدمات أخرى.
التهيئة الحضرية: اتخاذ تدابير قانونية بإصدار مجموعة من القوانين والمدونات المنظمة للتهيئة والتعمير مثل قانون 1992، وتدابير مؤسساتية متمثلة في إحداث أجهزة للمراقبة كالوكالات الحضرية والمفتشيات الجهوية، إلى جانب تدابير تقنية كتدبير وثائق موجهة، أهمها تصاميم التنطيق، وتصاميم التهيئة، والتصاميم المديرية.
إعداد التراب الوطني: تسعى سياسة إعداد التراب الوطني إلى حل أزمة المدينة المغربية من خلال دعم تنافسية المدن واقتصادها العصري، وتحسين الظروف المعيشية، وتأهيل المجالات الحضرية عمرانيًا عن طريق محاربة السكن العشوائي ونهج سياسة المدن الجديدة.

ثانيًا: أزمة الأرياف المغربية، مظاهرها وعواملها وأشكال التدخل لمعالجتها

تتعدد مظاهر أزمة الأرياف وعواملها بالمغرب

مظاهر أزمة الأرياف

أصبحت الأرياف المغربية مرتعًا لتفاقم الأزمة بكل تجلياتها:
اقتصاديًا: تسجل البوادي أدنى معدلات الدخل الفردي في ظل ضعف الإنتاجية الفلاحية ومردوديتها، وقلة الأنشطة الاقتصادية الموازية.
اجتماعيًا: تفشي الفقر، البطالة، وكل مظاهر الإقصاء الاجتماعي، الأمية، التسول، وضعف نسبة التمدرس والتغطية الصحية.
تجهيزيًا: خصاص في البنيات التحتية والخدمات العمومية مثل الربط بالماء الشروب، الكهرباء، الصرف الصحي، ونقص حاد في المرافق الأساسية كالتعليم والصحة.
بيئيًا: تعرض الموارد الطبيعية من ماء وتربة وغابة إلى تدهور وتراجع كبيرين.

عوامل أزمة الأرياف

ترجع أزمة العالم القروي بالمغرب إلى عدة عوامل، منها الاستغلال المفرط للموارد خلال الفترة الاستعمارية، وتوالي سنوات الجفاف خاصة خلال ثمانينيات القرن العشرين، بالإضافة إلى التهميش والإهمال في مخططات التنمية وبرامج الاستثمار.

أشكال التدخل لمعالجة أزمة الأرياف بالمغرب

التدخلات الاستعجالية: تستفيد الأرياف المغربية من برامج استعجالية قطاعية مختلفة، منها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، برنامج الاستثمار الفلاحي بالمناطق البورية، البرنامج الوطني لمكافحة التصحر وآثار الجفاف، إضافة إلى البرنامج الوطني للطرق القروية، وبرنامج كهرباء العالم القروي.
التهيئة الريفية: تشمل برامج التهيئة الريفية مشاريع بناء السدود، إصلاح ميثاق الاستثمار الفلاحي، وإطلاق مشاريع كبرى مندمجة، أهمها مشروع أسبوع 1968، واستراتيجية 2020 للتنمية القروية بالمغرب (سنة 1999)، ومشروع التنمية الاقتصادية القروية للريف الغربي (1964).
إعداد التراب الوطني: يشكل المجال الريفي أولوية بالنسبة لسياسة إعداد التراب الوطني بهدف تدارك التأخر الاجتماعي والتجهيزي المتراكم، وتأهيل المناطق الهشة مثل الواحات، وتنمية الأنشطة الاقتصادية وتنويعها.

خاتمة

رغم كل التدابير المتخذة، سواء في إطار التهيئة أو سياسة إعداد التراب الوطني، لا يزال المجال المغربي، بوسطه الحضري والريفي، يراكم الأزمات ويحتاج إلى مزيد من الجهود لتحقيق التوازن والتنمية الشاملة.

تعليقات