أخر الاخبار

الملك الأمازيغي يوبا الثاني

عرف المغرب القديم على مر العصور مجموعة من المقاومات كالمقاومة العسكرية والمقاومة الاجتماعية والمقاومة الدينية وكذا المقاومة الثقافية التي ارتبطت بالملك الأمازيغي المثقف يوبا الثاني.
  • فمن هو يوبا الثاني؟
  • وما هي أبرز إنجازاته السياسية والإدارية والاقتصادية والفكرية والثقافية والفنية؟
عرف المغرب القديم على مر العصور مجموعة من المقاومات كالمقاومة العسكرية والمقاومة الاجتماعية والمقاومة الدينية وكذا المقاومة الثقافية التي ارتبطت بالملك الأمازيغي المثقف يوبا الثاني

من هو يوبـــا الثاني؟

ولد جوبا أو يوبا الثاني بمملكة نوميديا حوالي سنة 52 قبل الميلاد، وهو ابن الملك الامازيغي يوبا الأول الذي عرف بمقاومته الشديدة للرومان لتؤدي هزيمته الى أسر ابنه يوبا الثاني من طرف يوليوس قيصر. حيث كان طفلا صغيرا يتراوح عمره بين 5 و7 سنوات لينشأ في البلاط الروماني ويتشبّع بثقافتهم الرومانية، ليصير معروفا بالعلم والآداب وإتقانه عدة لغات، فضلا عن التبحر في الفلسفة والهندسة ومختلف العلوم. ليتم تزويجه بكليوباترا سِيليني ابنة كليوباترا ملكة مصر والتي اخدت هي الأخرى بعد القضاء على والدتها. وما ان بات يوبا الثاني صاحب معرفة بإدارة شؤون الحكم، ونظرا للتربية الرومانية التي تلقّاها، والتي كان أساسها الإخلاص لروما، عيّنه القيصر أوكتافيوس حاكما لموريطانيا الغربية سنة 25 قبل الميلاد، ودامت فترة حكم يوبا الثاني خمسين سنة كانت كلها في ظل الحماية الرومانية.
 وقد عرفت أيامه بالاستقرار والهدوء حتى توفي في السنة 23 ميلادية ليخلفه ابنه بطليموس الذي نهج سياسة أبيه في توحيد الامازيغيين وتحقيق امالهم وطموحاتهم.

الإنجازات السياسية والإدارية والاقتصادية

        تمكن جوبا الثاني وابنه بطليموس من توحيد القبائل الموريتانية في إطار مملكة مورية واسعة الأطراف تنقسم الى موريطانيا قيصرية وأخرى طنجية. حيث قام بحكمهما تحت المراقبة الرومانية طوال الفترة بين 25 ق.م و 23 م.
        كما واهتم جوبا الثاني بتمدين مملكته حضاريا وثقافيا وعلميا وتزيينها عمرانيا وهندسيا ليتخد من شرشال والتي سماها بالقيصرية عاصمة له في الجزائر وجعل من وليلي عاصمة له في المغرب لينشئ في العاصمتين حكما ديموقراطيا نيابيا تمثيليا ليطالب بتكوين مجلس بلدي يتم انتخاب أعضائه من بين المواطنين الأحرار، ويتولى كل مجلس تسيير أمور المدينة على غرار المدينة الرومانية.
        أما في الجانب الاقتصادي فقد عرف عصر يوبا الثاني بعصر الرخاء الاقتصادي والتطور التجاري وتحسن الأحوال الاجتماعية حيث شجع على الزراعة والصناعة والتجارة. وأقام مشاريع صناعية كبرى في عدة مدن كصناعة الأصباغ الأرجوانية وتمليح السمك وصنع الكاروم (Garum) وهو مرق مصنوع من السمك يستعمل عوض التوابل لطهي الطعام (يشبه كنور السمك حاليا)، ويستعمل كذلك دواء في الاستشفاء من بعض الأمراض.

الإنجازات الفكرية والثقافية والفنية

الاهتمام بالمكتبات والعلماء والمتاحف
اهتم يوبا الثاني بالمقاربة الثقافية في تحقيق التنمية الشاملة من خلال :
بناء المكتبات وجمع المخطوطات والوثائق
حيث أنشأ خزانات ضخمة تضم أنواع متعددة من الكتب والمخطوطات القيمة خاصة الكتب اليونانية والمصرية واللاتينية والفينيقية والتي ورثها عن جده الأكبر همبسال نهيك عن تأليفه لمجموعة من الكتب في شتى المجالات. الشيء الذي يبرز لنا مدى اهتمام يوبا الثاني بالفكر والعلم والثقافة.
العناية بالعلماء
كان يوبا يستقطب نحو عاصمته شرشال ووليلي كبار الادباء والفنانين والعلماء والأطباء والمهندسين المعماريين ... حيث كان يغرقهم بالأموال والهبات تشجيعا لهم وتحفيزا منه.
الاهتمام بالمتاحف
بناء المتاحف خاصة في شرشال ووليلي من أجل جمع الاثار والمنحوتات والنقود والأدوات والمعادن النفيسة...
الموسوعات العلمية
يعتبر يوبا الثاني من اهم المؤلفين للموسوعات في التاريخ القديم ومن أبرزها موسوعة ليبيكا التي جمع فيها رحلاته العلمية المختلفة لا سيما ما يتعلق بالمجتمع الامازيغي على مستوى اللغة والعادات والتقاليد والأعراف ...
الاداب
كان يوبا الثاني معجبا بالمكتبات الأدبية وقد مارس كتابة الشعر والنقد وكذا اهتم بالكتابات السردية وسعى الى جمع القصص حيث تضمت ليبيكا قصصا أمازيغية أشهرها قصة الأسد الحقود التي مازالت تروى من قبل الجدات ...
اللغويات
عرف يوبا بإتقانه لعدة لغات كاليونانية واللاتينية والبونيقية ولغته المحلية الامازيغية الا أن اللغة المفضلة لديه هي اليونانية. ومن أبرز كتاباته في مجال اللغويات (التحريف في اللغة) حيث يرى بأن اللغة اللاتينية كانت في الأساس اللغة الاغريقية الا أنها قد تم تخريفها.
الفنون
كما وقد اهتم الملك يوبا الثاني بالفنون الجميلة ولاسيما الموسيقا حيث خصص لها كتبا وافية وفي نفس الوقت، تحدث بإسهاب عن الفنون المجاورة كالرقص والتمثيل والمسرح والنحت. ليقوم بإنشاء معهد لتدريس الموسيقى والمسرح بشرشال.
الخاتمة
وبالرغم من كل هذا فان البعض يرون أن يوبا الثاني لم يكن سوى خادم وفيّ للرومان وخائن للقضية الامازيغية لكنه في نفس الوقت كان مقاوما ثقافيا متميزا يحب شعبه.
تعليقات