مــقــدمـــة:
تعد البرازيل أكبر دول أمريكا اللاتينية مساحة وسكانا. حققت نموا اقتصاديا كبيرا خلال الثلاثين سنة الأخيرة جعلها ثاني قوة اقتصادية بين دول الجنوب، وتاسع قوة اقتصادية عالميا. إلا أن هذا النمو رافقه ضعف في التنمية البشرية. فما مظاهر النمو الاقتصادي بالبرازيل؟ وكيف يمكن تفسير هذا النمو الاقتصادي؟ وما أبرز المشاكل التي تعانيها البرازيل؟
I. تتعدد مظاهر نمو الاقتصاد البرازيلي:
1. الفلاحة البرازيلية:
تنوع المنتجات الفلاحية وخاصة التسويقية (البن، الذرة، الصوجا) وتركزها في القسم الجنوبي الساحلي مقابل سيادة تربية الماشية في القسم الأوسط، كما يتميز الإنتاج الفلاحي بالضخامة واحتلاله مراتب متقدمة عالميا، فهي الأولى في البن وقصب السكر والبرتقال والأناناس والثانية في الصوجا والذرة. ويعرف الانتاجين الرعوي والزراعي بالتوسع المستمر للمساحة المزروعة.
2. الصناعة البرازيلية:
ارتفاع مستمر للإنتاج الصناعي وتنوع المنتجات الصناعية (السيارات، الفولاذ، القطن)، بالإضافة إلى ضخامة الإنتاج واحتلاله مراتب متقدمة عالميا، فهي الثامنة في الفولاذ والخامسة في المطاط الصناعي والأولى في الطيارات الخفيفة. كما تساهم المنتجات الصناعية بأكثر من النصف من مجموع الصادرات بالإضافة إلى نمو أقطاب صناعية كبرى مثل ساو باولو.
3. التجارة والخدمات:
تعرف بنية التجارة الخارجية البرازيلية تنوعا (الآلات والتجهيزات...) وغلبة المواد المصنعة تصديرا واستيرادا. تعدد الشركاء التجاريين من جميع القارات، في مقدمتهم الاتحاد الأوربي والصين والولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء السوق المشتركة بأمريكا الجنوبية، وتسجل التجارة البرازيلية فائضا في الميزان التجاري.
II. تتحكم عدة عوامل في تزايد قوة اقتصاد البرازيل:
1. يرجع نمو الفلاحة البرازيلية إلى عدة عوامل:
تستفيد الفلاحة البرازيلية طبيعيا من سهول وأحواض شاسعة أهمها حوض الأمازون، ومناخ متنوع بتساقطات وافرة، نميز فيه بين استوائي ومداري ومعتدل، إلى جانب مراعي شاسعة وغطاء غابوي مهم وشبكة مائية مهمة، وتنظيميا تعتمد الفلاحة البرازيلية نظاما رأسماليا تسويقيا، وحضور الشركات متعددة الجنسيات إضافة إلى تواجد استغلاليات كبرى، وتقنيا تستفيد من الاستخدام الكثيف لأحدث الأساليب والتقنيات الزراعية مثل الآلات الفلاحية، أسمدة زراعات مختلطة.
2. عوامل نمو الصناعة البرازيلية:
تزخر البرازيل طبيعيا بثروات معدنية وطاقية متنوعة باحتياطي مهم (الحديد، النحاس، النفط، الغاز...) وتسفيد تنظيميا من تدخل الدولة التي هيأت كل الظروف لظهور صناعات متنوعة ومندمجة من خلال تجويد البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية ومنح القروض، وعلى المستوى البشري تتوفر البرازيل على أزيد من 200 مليون نسمة يغلب عليها الفئات النشيطة مما يوفر طاقة استهلاكية ويد عاملة زهيدة الأجر، مع الاتجاه نحو تحسين مستواها وتأهيلها.
3. مقومات قوة التجارة البرازيلية:
- العامل الطبيعي: تتمتع البرازيل بموقع استراتيجي منفتح على المحاور التجارية العالمية عبر المحيط الأطلسي؛
- العامل التقني: التوفر على شبكة مواصلات متنوعة وممتدة وكثيفة، وبحرا وجوا، وشبكة اتصالات كثيفة؛
- العامل التنظيمي: تعتمد البرازيل نظاما رأسماليا يرتكز على اقتصاد السوق وتنظيم بنكي جيد ومحكم، وتستفيد من تدخل الدولة عبر تشجيع الصادرات وجلب الاستثمارات، كما وفر لها الانتماء إلى مجموعة "مركوس" انفتاحا تجاريا أكبر.
III. يواجه نمو اقتصاد البرازيل تحديات عدة:
- اقتصاديا: الارتباط المفرط بالأسواق الخارجية وتزايد حدة التبعية التكنولوجية، والسيطرة المتنامية للشركات متعددة الجنسيات، إضافة إلى تضخم الدين الخارجي، ومنافسة المنتجات البرازيلية خارجيا...؛
- اجتماعيا: مازالت البرازيل تصنف ضمن البلدان المتوسطة من حيث مؤشر التنمية البشرية باحتلالها الرتبة 85 عالميا سنة 2013، وتواجه مشاكل اجتماعية كالانتشار الواسع للفقر، وتفشي ظاهرة البطالة والسكن الصفيحي وتنامي الفوارق العرقية؛
- مجاليا: يشكو المجال البرازيلي من تفاوت صارخة، فالشمال الشرقي يسجل تأخر في النمو، بينما يعد الجنوب والجنوب الشرقي متقدما ومهيمنا ويشكل القلب النابض للاقتصاد حيث ترتكز فيه الثروة ومعظم السكان، أما الوسط الغربي فيشكل مجالا مندمجا ومرتبطا بالمركز.
خــاتــمــة:
حققت البرازيل نموا اقتصاديا كبيرا حيث أصبحت قوة إقليمية في المنطقة، ورغم ذلك تظل بلد التناقضات الحادة واللامساواة الصارخة، مما ينعكس سلبا على مستوى التنمية البشرية.
مفاهيم ومصطلحات:
- تفاوت في التنمية البشرية: يقصد به انعدام التوازن بين جهات البلد الواحد في الاستفادة من النمو الاقتصادي، مما يحدث تفاوتا بين مناطق غنية وأخرى هامشية.