يتغير سطح الأرض باستمرار بفعل عمليات طبيعية بطيئة لكنها قوية على المدى الطويل، أهمها التجوية والتعرية. هاتان العمليتان تعملان معا لتفتيت الصخور ثم نقل فتاتـها، وهو ما يساهم في ظهور الجبال والوديان والسواحل وتشكّل التربة التي تنبت فيها النباتات. في هذا المقال سنوضح الفرق بينهما بطريقة بسيطة مع أمثلة من الحياة اليومية والطبيعة.
أولًا: ما هي التجوية (Weathering)؟
التجوية هي عملية تفتيت الصخور في مكانها إلى أجزاء أصغر دون أن تُنقل هذه الأجزاء مباشرةً بعيدًا عن موضعها.
1) التجوية الفيزيائية (الميكانيكية)
تُفكّك الصخر إلى شظايا أصغر دون تغيير تركيبه الكيميائي، ومن أمثلتها:
- تغيّر الحرارة: يتمدد الصخر مع السخونة وينكمش مع البرودة، ومع التكرار تتكوّن تشققات.
- تجمّد الماء داخل الشقوق: عند تجمد الماء يزداد حجمه فيدفع الصخر ويكسره تدريجيًا.
- الرياح والرمل: في بعض المناطق الصحراوية يعمل الرمل كـ "ورق صنفرة" يَخدش السطح الصخري ببطء.
2) التجوية الكيميائية
تُغيّر التجوية الكيميائية تركيب الصخر عبر تفاعلات كيميائية، وأبرز صورها:
- الأمطار ذات الحموضة الخفيفة (طبيعية أو نتيجة ملوثات): تُسهم في ذوبان بعض المعادن وتليين الصخر.
- الأكسدة: تفاعل المعادن مثل الحديد مع الأكسجين يؤدي إلى ضعف الصخر وتفتته (ويظهر أحيانًا بلون صدئ).
- النتيجة العامة للتجوية: تتحول الصخور الكبيرة إلى رواسب مثل الحصى والرمل والطمي، وتصبح جاهزة لمرحلة لاحقة: النقل.
ثانيًا: ما هي التعرية (Erosion)؟
التعرية هي عملية نقل الرواسب (التي نتجت غالبا عن التجوية) من مكانها إلى مكان آخر، فتُغيِّر شكل سطح الأرض بمرور الزمن.
عوامل التعرية الرئيسية (من يقوم بالنقل؟)
- المياه الجارية: الأنهار تنقل الرواسب عبر مجاريها، وقد تُوسّع الوادي أو تُغيّر مجرى النهر مع الوقت.
- الأمواج والمدّ البحري: تنحت السواحل وتُعيد توزيع الرمال، ما يسبب تغيّر شكل الشاطئ.
- الرياح: تنقل الغبار والرمال في المناطق الجافة وتشكل كثبانًا رملية.
- الأنهار الجليدية: الجليد المتحرك يجرّ معه صخورًا وتربة، ويصنع أودية عميقة ومنحوتة.
الرابط بين التجوية والتعرية (القاعدة الذهبية)
يمكن تلخيص العلاقة بهذه الفكرة الواضحة:
التجوية تكسر الصخور (تحضير المادة الخام) والتعرية تنقلها (إعادة توزيعها).
لذلك غالبًا ما تأتي التعرية بعد التجوية، لكن قد تتداخل العمليتان زمنيا في كثير من البيئات الطبيعية.
أمثلة سريعة من الواقع (لتثبيت الفكرة)
الجبال: تتعرض الصخور في قممها للتجوية (خصوصا بفعل التجمّد والذوبان)، ثم تنقلها المياه أو الانهيارات إلى السفوح.
الوديان: يتشكل الوادي عندما تستمر المياه في نحت المسار ونقل الرواسب بعيدًا.
الشواطئ: تتبدل خطوط الساحل بسبب حمل الأمواج للرمال وإعادة ترسيبها في مواضع جديدة.
خاتمة
التجوية والتعرية هما "فريق عمل" طبيعي يعيد تشكيل سطح الأرض باستمرار: الأولى تُنتج الرواسب، والثانية تُعيد توزيعها فتُولد أشكالًا أرضية جديدة. فهمهما يساعدنا على قراءة التضاريس من حولنا وفهم أسباب ظواهر مثل انجراف التربة أو تغيّر مجاري الأنهار، وهو معرفة أساسية في الجغرافيا وعلوم الأرض.
