أخر الاخبار

تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث

مــقــدمـــة:
 شكلت مخلفات الحرب العالمية الثانية فرصة سانحة لتصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث، الذي دخلت بلدانه في عدة مشاكل حاولت تجاوزها عبر عدة وسائل. فما عوامل تصفية الاستعمار؟ وما خصائص نضال الحركات التحررية؟ وما المشاكل التي واجهت العالم الثالث وسبل مواجهتها؟
مدونة الاجتماعيات| دروس التاريخ| مادة الاجتماعيات|تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث
خريطة: الامبراطوريات الإستعمارية في آسيا وإفريقيا غداة الحرب العالمية الثانية

I. تعددت عوامل تصفية الاستعمار وخصائص الحركات التحررية:

1. تصاعدت الحركات التحررية وتصفية الاستعمار بفعل عدة عوامل:

ساهمت مجموعة من العوامل في تصاعد الحركات التحررية التي تمثلت سياسيا في موقف الهيئات والاتفاقيات الدولية الرافضة للاستعمار، وتنامي الوعي الوطني بأهمية الميثاق الأطلسي الذي أكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، واقتصاديا في تزايد الاستغلال الاستعماري في ظل الحرب العالمية الثانية وانتشار البؤس والميز والاضطهاد ضد سكان المستعمرات، كما استفادت الحركات التحررية من الصراع الرأسمالي الاشتراكي، حيث ساندت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي الحركات التحررية بهدف استمالة الشعوب بعد الاستقلال.

2. اختلفت وسائل نضال الحركات التحررية في العالم:

• الحركة التحررية في آسيا: قادت الفيتنام مقاومة مسلحة شرسة ضد الاستعمار، أرغمت فرنسا على منحها الاستقلال سنة 1954م، في حين تزعم غاندي الحركة التحررية في الهند، وعمل على استقلال بلده بوسائل سلمية، تمثلت في رفض التعاون مع الاحتلال الإنجليزي ومقاطعة السلع الإنجليزية والانسحاب من الوظائف والمدارس، واتباع سياسة العصيان المدني التي لقيت تجاوبا عميقا من الشعب الهندي، مما اضطر إنجلترا إلى الاعتراف باستقلال الهند سنة 1946م.
• الحركة التحررية في أفريقيا: كافحت مجموعة من البلدان الافريقية ضد الاستعمار كأنغولا والكونغو، والجزائر التي انفجرت فيها ثورة مسلحة سنة 1954م، واجهتها فرنسا بعنف شديد، ورغم الخسائر الكبيرة للجزائريين إلا أن الأحداث ألحقت ضررا كبيرا بالمستعمر الذي اضطر لفتح مفاوضات انتهت باستقلال الجزائر بموجب اتفاقية 18 مارس 1962م.

II. واجهت دول العالم عدة مشاكل حاولت إيجاد الحلول لها:

1. تدهورت أوضاع العالم الثالث بعد الاستقلال:

عانت دول العالم الثالث من اضطرابات سياسية بحدوث انفصالات ترابية وصراعات عسكرية على الحدود، إضافة إلى التدخل الأجنبي في شؤونها خاصة في ظل القطبية الثنائية، كما عانت من تفشي الآفات الاجتماعية كالفقر والبطالة جراء الاستغلال الاستعماري، إضافة إلى ضعف الاقتصاد الذي يشكو من العجز التجاري وضعف الاستثمارات، في ظل ارتفاع المديونية وتزايد التبعية للخارج، مقابل تصدير المواد الأولية.

2. واجهت دول العالم الثالث مشاكلها بأساليب مختلفة:

• السياسات التنموية: أقرت المكسيك وبلدان العالم الهندي ما عرف بـ "الثورة الخضراء" التي استهدفت ضمان الأمن الغذائي للعدد المتزايد من السكان، باعتماد البحث العلمي والرفع من الإنتاجية الفلاحية باعتماد الأساليب والتقنيات الحديثة. كما تدخلت بعض البلدان مرحلة التصنيع كالبرازيل وكوريا الجنوبية وتايوان، فشهدت نموا صناعيا سريعا، وأصبحت منافسا صاعدا للدول الكبرى.
• نظام التكتلات: اتحدت دول العالم الثالث سياسيا داخل عدة تكتلات في مقدمتها، حركة عدم الانحياز التي انبثقت عن مؤتمر باندون 1955م بحضور قادة مجموعة من الدول الأفريقية والآسيوية، بهدف اتخاذ مواقف حيادية إزاء الصراع الأمريكي السوفياتي في إطار الحرب الباردة، ومواجهة الهيمنة الاستعمارية، ومساندة الدول المستعمرة على الاستقلال وتجاوز مخلفات الاستعمار. كما دخلت دول العالم الثالث في عدة منظمات إقليمية، كمنظمة الاتحاد الافريقي بين دول القارة الافريقية 1963م، وجامعة الدول العربية 1945، ومنظمة المؤتمر الإسلامي بين دول العالم الإسلامي سنة 1972، طرحت هذه المنظمات مجموعة من المبادئ والأهداف من بينها المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات بشكل سلمي، وتعزيز التعاون بين البلدان الأعضاء ودعم الأمن والسلام الدوليين.
خــاتــمــة:
رغم نيل دول العالم الثالث للاستقلال وعملها على تجاوز مشاكلها، إلا أنها لم تتمكن من التخلص من التبعية للخارج، ولازالت تتخبط في مشاكل لا حصر لها.

مفاهيم ومصطلحات:

  • تصفية الاستعمار: مصطلح استخدم منذ 1960م، يقصد به وضع نهاية للاستعمار الأوربي في العالم بتاء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.
  • العالم الثالث: الدول الحديثة العهد بالاستقلال الاقل نمو وغير المنحازة لاحد المعسكرين كبلدان إفريقيا ووسط وجنوب أمريكا.
  • حركات عدم الانحياز: منظمة تأسست من طرف الدول الحديثة العهد بالاستقلال خلال انعقاد مؤتمر باندونغ 1955، وهدفها التزام الحياد تجاه الصراع الأمريكي والسوفياتي في إطار الحرب الباردة.
  • جمال عبد الناصر: أحد زعماء الثورة المصرية 1952 وأحد قادة حركة عدم الانحياز.
تعليقات