مقدمة
يُعدّ الاتحاد الأوروبي أقوى التكتلات الاقتصادية الجهوية في العالم، إذ استطاع تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مهمة، وأضحى بذلك نموذجاً يُحتذى به في جميع المستويات.
فما مظاهر اندماج بلدان الاتحاد الأوروبي وعوامله؟ وما العراقيل التي تحد من سير بلدانه نحو اندماج شامل؟
أولاً: تتعدد مظاهر اندماج بلدان الاتحاد الأوروبي وعوامله
تتنوع تجليات اندماج بلدان الاتحاد الأوروبي
- الاندماج المجالي ببلدان الاتحاد الأوروبي
يتمثل الاندماج الترابي/المجالي للاتحاد الأوروبي في مروره بثلاث مراحل كبرى:
المرحلة الأولى: تشكلت "المجموعة الأوروبية للفحم والفولاذ" سنة 1951 بين ست دول، هي: فرنسا، وألمانيا الغربية، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، واللوكسمبورغ.
المرحلة الثانية (1957–1992): تأسست "المجموعة الاقتصادية الأوروبية" بمقتضى معاهدة روما سنة 1957، وشهدت انضمام دول جديدة، هي: المملكة المتحدة، وإيرلندا، والدنمارك سنة 1973، ثم اليونان سنة 1981، وأخيراً إسبانيا والبرتغال سنة 1986.
المرحلة الثالثة (ما بعد 1992): شهدت ميلاد "الاتحاد الأوروبي" بموجب معاهدة ماستريخت سنة 1992، وانضمام بلدان جديدة، أولها: النمسا، وفنلندا، والسويد سنة 1995.
ثم انضمت دول أوروبا الشرقية سنة 2004، وهي: سلوفينيا، وسلوفاكيا، وبولونيا، وتشيك، وهنغاريا، وليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وقبرص، ومالطا.
بعد ذلك، انضمت بلغاريا ورومانيا سنة 2007، وأخيراً كرواتيا سنة 2013.
- الاندماج الاقتصادي بين بلدان الاتحاد الأوروبي
فلاحياً: نهجت بلدان الاتحاد الأوروبي سياسة فلاحية مشتركة تهدف إلى الرفع من الإنتاجية، وتحسين مستوى عيش الفلاحين، وضمان الأمن الغذائي.
صناعياً: التنسيق بين الدول الأعضاء لمواجهة المنافسة الأجنبية، وتبني مشاريع صناعية مشتركة (مثل طائرات "إيرباص").
تجارياً: إحداث سوق أوروبية موحدة بين الدول الأعضاء، والتنسيق مع باقي دول العالم في مجال المعاملات التجارية.
مالياً: توحيد السياسة المالية من خلال اعتماد الوحدة النقدية "اليورو".
- الاندماج الاجتماعي بين بلدان الاتحاد الأوروبي
تسهم عوامل متداخلة في اندماج دول الاتحاد الأوروبي
جغرافياً: انتماء جميع دول الاتحاد إلى قارة أوروبا ذات المؤهلات الطبيعية المتكاملة.
تاريخياً: معايشة الدول الأوروبية لأحداث تاريخية مشتركة، مثل الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929.
بشرياً: توفر الاتحاد الأوروبي على ساكنة كبيرة تتجاوز 450 مليون نسمة، تتميز بكونها نشيطة (68%)، ومتعلمة، وذات دخل فردي مرتفع، وآمال حياة مهمة.
سياسياً وتنظيمياً: نهج الديمقراطية السياسية واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وتبني النظام الرأسمالي الليبرالي القائم على حرية المنافسة والمبادلات، إضافة إلى الاعتماد على مؤسسات تشريعية وتنفيذية واستشارية قوية ومتكاملة تنظم شؤون الاتحاد، مثل: مجلس الوزراء، والمجلس الأوروبي، واللجنة الأوروبية، والبرلمان الأوروبي.
ثانياً: تواجه بلدان الاتحاد الأوروبي مجموعة من المعيقات تحد من اندماجها الشامل
- تفاوت مستوى التنمية السوسيو-اقتصادية بين دول أوروبا الغربية الغنية ودول أوروبا الشرقية الضعيفة.
- امتناع بعض الدول الأعضاء عن استعمال عملة "اليورو" مثل الدنمارك.
- بطء تطبيق بعض الاتفاقيات، مما يطرح تحديات على مستوى تنقل اليد العاملة.
- تحديات الهجرة السرية من بلدان الجنوب، خاصة من آسيا وإفريقيا.
- ضعف المستوى التنافسي لبعض الصناعات، خاصة المعلوماتية والإلكترونية.
- انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سنة 2016.
خاتمة
رغم المعيقات والتحديات، استطاع الاتحاد الأوروبي تحقيق نتائج إيجابية، تتمثل في ارتفاع مساهمته في الإنتاج العالمي، الفلاحي والصناعي، وهيمنته على التجارة الدولية بنسبة 20%، إضافة إلى ارتفاع حجم مبادلاته البينية التي تتعدى أحياناً 80%.
مفاهيم ومصطلحات
- المجموعة الاقتصادية الأوربية: تكتل اقتصادي لدول أوربا الغربية تأسس بمقتضى معاهدة روما 1957 وتحول منذ 1992 الى الاتحاد الأوربي UE بموجب معاهدة ماستريخت.
- السوق الموحد: سوق مشترك ومفتوح على كل دول الاتحاد الأوربي تتداول في السلع والخدمات بحرية.
- معاهدة روما 1957: شكلت نواة التكتل الاقتصادي الأوربي والتي بموجبها تم تأسيس ما كان يعرف بالمجموعة الاقتصادية الأوربية او السوق الأوربية المشتركة قبل أن تتحول إلى ما يعرف حاليا بالاتحاد الأوربي UE.
- معاهدة ماستريخت 1992م: نسبة إلى بلدة هولندية والتي وضعت أسس وأهداف ومبادئ الاتحاد الأوربي وبموجبها تم تغيير اسم المجموعة الاقتصادية الأوربية إلى الاتحاد الأوربي..
- الاندماج الشامل: مصطلح يطلق على الدول التي تمكنت من تكوين تكتل شامل في جميع الميادين الاقتصادية، و الاجتماعية، الثقافية، السياسية، و أقرب نموذج هو الاتحاد الأوربي.
